السيد اليماني وعبيد الرياض
 

أنس القاضي

بإمكان الجميع أن يكونوا سادةً وكِراماً، لكن كثيرينَ استطابوا المذلة والعبودية، عبودية تجاه الواقع المتفسخ وتجاه السلطة والهيمنة الأجنبية، فالحرية شجاعة ووعي ومسؤولية والتزام وقضية وجود ومصير، وليس للعبد إلا ما يُفرض عليه متخففاً من التزامات الحُرية. ما الذي يُثير جنون أحزاب (مؤتمر الرياض) حينَ يُذكر اسم السيد الشهيد الحسين، والسيد قائد الثورة، إلا حقدَ العبيد في الحضائر الملكية على الأحرار المنطلقين في سهوب الوطن، لا الحقد على مَن استعبدهم، منذ عامين من قبل العدوان وقبل هروب السفارات، يصيح العبيد بوجه أنصار الله: لن يقبل بكم المجتمع الدولي، لن يعترف بكم أحد في العالم، أنتم ميليشيات تقول الموت لأمريكا والموت لإسرائيل! نعم إنهم يتحدثون بكل هذهِ الصراحة والوقاحة، ولا يرى هؤلاء العبيد في الوجود الاجتماعي السياسي اليمني كوجود موضوعي قائم بذاتهِ، بل وجود مشروط باعتراف المجتمع الدولي مانح القروض والرشاوى، وجود تبعي غير قادر على الحياة باستقلاله الوطني، وها هوَ المجتمع الدولي، بمقدمته أمريكا وبنو سعود، يعترف باستقلال اليمن بعد أن عجز عن تركيعها، وبأنصار الله كمكون يمني أصيل بعد عجزه عن فصله اجتماعياً ومحوه عسكرياً، بعد أن استخدم هذا المجتمع الاستعماري أقصى خياراته، وهي الحصار وحرب الإبادة، فلم يخضع الشعب اليمني، وما أنصار الله إلا لُحمة من هذا الشعب، وطليعة مناضلة فيه، لا ثمرة أموال النفط. 
لأن الوجود السياسي اليمني قبل ثورة 21 سبتمبر2015م، كانَ مُجرد، شَغب قرود داخل قفص كبير يُسمى الديمقراطية الأمريكية، فقد غضبوا على من حطم القيد، وقال لهم تحرروا، وتركَ لهم أمر تقرير مصيرهم. 
جاء أنصار الله من خارج هذا السجن ثواراً بقيمة شعبية، فحقد العبيد عليهم، فقد ألِفوا القيمة بمنح السجان وفضلاته، فكيفَ يُصبح البذل والعمل والتضحية هوَ المقياس، أربكتهم الثورة وتُثير جنونهم الحُرية، ولا يتصورن موقعهم من الاستقلال، ولا يُريدون غير الواقع القديم، حيثُ لا فضل لأحد على أحد إلا بمشيئة السجان الأمريكي، ويُريدون لأنصار الله أن يصبح عضواً جديداً في هذه الحضيرة، وإلا فسيغضب عليهم المجتمع الدولي! يُخوفون أنصار الله بالسوط الذي يُجلدون بهِ، لكنَّ هذا السوط، حين امتد على الجماهير الشعبية، على قيمة أنصار الله الحقيقية، تحرك الأحرار جيشاً ولجاناً مقاتلة ومجتمعاً حاضناً وداعماً، سُحقَت بتحركهم هذا كتائب الغزو الأجنبي، وعادوا بصناديق الموت، وسُحقت أحدث الأسلحة الأمريكية، وباتت رماداً وقِطع حديد يأكلها الصدأ، وانهارت إمبراطورية مالية سعودية، هي رب العَبيد، وكيفَ لا يحقد العبيد المرتزقة وقد قُتل ربهم! كيف لا يُجن قرود مسجونون في فندق بصحراء نجد قيل لهم بأن شجر الموز المستورد لقاء النفط نفد، وأنهم سيُلفظون إلى الصحراء! 
أكثر ما يُخيف ويربك قيادات المُرتزقة، أن المرحلة الجديدة ستقوم على السيادة الوطنية، ولن يكون هناك قيمة لمكون على مكون برضا وسخط المجتمع الدولي، بمشيئته الغربية، إلا بقدر مسؤولية هذا المكون وذاك تجاه المجتمع، وأن العملية ستؤسس لسلطة وطنية، تظل وطنية مهما تغيرت شخوصها من فترة لفترة ومن حزب لحزب، فيما العبيد في الرياض لا يطيقون حياة العمل والالتزام والحُرية، ولا يُفكرون بمُستقبل الشعب، ويرون في إقامة سلطة وطنية توافقية جديدة خروجاً للامتيازات من أيديهم، وخروجهم من المشهد السياسي المالي إلى الأبد، ولأنهم مُرتزقة غادروا الوطن لأجل المال لا لشيء آخر، فليسَ عندهم ما يكفي من الوطنية بأن يتخلوا عن مصالحهم الطفيلية الخاصة من أجل وقف الحرب ومصلحة الشعب وقيام سُلطة وطنية جديدة، تقيم في واقع اليمن الاقتصادي والاجتماعي المنهار والمُعقد بين أبناء الشعب الواجب خدمتهم، كما تبذل قصارى جهد اللجنة الثورية اليوم، لا في أقفاص الرياض، حيث هم اليوم، بلا عمل ولا مسؤولية، ينامون ليأكلوا، ويأكلون ليضاجعوا، ويناموا بعد ذلك، وأقصى ما يعملونه تصريح إعلامي، فيما الوطن يحتاج إلى حكومة تعمل في أوساط الشعب، وتبني ما هدمته الحرب العدوانية.

أترك تعليقاً

التعليقات