المرتزقة والفهم المقلوب
 

أحمد الحسني

ربما أراد مروان الغفوري من تذييل مقاله عن فضائح مرتزقة الرياض بالحديث عن تلقيه اتصالاً من علي محسن، وآخر وألف دولار من حميد الأحمر، أن يؤكد لنا صحة ما نشره بالتلميح إلى أنه استقى معلوماته من مصادر مطلعة على كواليس ما يدور بين قيادة وتحالف العدوان ومرتزقتها في الرياض، وربما كان دافعه لذكر الاتصالين وما ورد فيهما من أحاجي وألغاز، هو اعتقاده أن في ذلك ما يكفي لإبهارنا بشخصه، ومحاولة كالعادة لإخطارنا بأن ثمة أهمية ما لمروان الغفوري.
على كل حال، المهم لنا في اتصالي علي محسن وحميد بالغفوري لمتابعة نشره لفضائح جلال هادي والآخرين من أنجال قيادات مرتزقة الرياض، ومكافأته على ذلك، هو أن الاتصالين يكشفان بوضوح أكبر جانباً من خارطة تجنحات المرتزقة في الرياض، ومدى الصراع الدائر بينها، بحيث يمكننا تتبع انعكاساتها في الداخل من فهم الكثير من الحقائق حول ما يجري في عدن وتعز وبعض محافظات الجنوب، والنيران الصديقة، ويساعدنا كثيراً على رسم خارطة الصراعات القائمة والمستقبلية.
أما مقال الغفوري نفسه فلم يكشف لنا فيه جديداً، وما سرده فيه من فضائح جلال هادي وأنجال المرتزقة، هو مجرد تفاصيل وتفريعات اللصوصية والفساد التي نعرفها عنهم وعن آبائهم، والشيء من معدنه لا يستغرب، ولا يستغرب على مرتزق يتاجر بوطنه ودماء أهله أن يتاجر بتراخيص دخول إلى المملكة أو صهاريج نفطها المدعوم، كل ذلك نعرفه ونعرف أن في السجل الإجرامي لحميد الأحمر وعلي محسن أضعاف ذلك وأشنع..
 أما كارثية هادي فإنه لو كانت الحمير تقدر على النطق لأخبرتنا أنها تعرفها منذ عام، وليس غريباً أن تدركها قيادة التحالف. الغريب أنهم أهدروا مئات المليارات طيلة عام كامل ليصبحوا كالحمير.
والمؤسف أن الغفوري لا يملك ما يهدره ليفهم أن قول الرئيس صالح إنه لا يبيع، ورد السيد عبدالملك بأن الوفاء له دين وهوية، لا يعنيان أن كلاً منهما قد أعلن التخلي عن الآخر كما جاء في مقاله، وأنه إذا كان قد فهم من ذلك انهيار الجبهة الوطنية، وأن كل طرف فيها قد باع صاحبه، فهذا لا يعني أن ذلك كذلك، وإنما يعني أن للمرتزقة فهماً مقلوباً للغة أيضاً.

أترك تعليقاً

التعليقات