الجدليون (الحمر)
 

محمد ناجي أحمد

يحرص الجدليون (الحمر) على تصوير الصراع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، على أنه صراع ضد علي عبد الله صالح، بشخصنة ثأرية يتم ترميزه كمعادل للشر، وعلى إضفاء طابع عرقي للصراع ضد (الهاشمية) المتخيلة في أذهانهم كسلطة عابرة للزمن!
ما أقصده بـ(الجدليين الحمر) أولئك المثقفون الذين يتماهون مع ما يمثله علي محسن الأحمر وحميد الأحمر، من مصالح اقتصادية وقوى اجتماعية!
استمر خطابهم منذ بداية الحرب في اليمن، ينطلق من التوجيه والدعوة إلى الانخراط في ما سموه المقاومة (أنّى كانت وحيثما كانت)، ويوازيه انخراطهم في حكومة بحاح ثم بن دغر (أنّى كانت وحيثما كانت)، ولو في فنادق الرياض أو إسطنبول! يستوي في ذلك القومي عبد الملك المخلافي والماركسي مروان دماج، ومتعهد الحفلات عز الدين الأصبحي، الذي يجسد بانتهازيته عابراً للقيم! يتحدث عن القيم وانحيازاته للإنسان مع أنه فهلوي، وهجَّاص كما يقول إخواننا في مصر...
ليس لديه مشكلة في أن يزعم انتماءً للاشتراكية واليسار، ثم يقوم باختراع دار نشر وهمية سماها (الحادي)، في منتصف التسعينيات، من أجل إعادة طباعة كتاب (التوحيد) لمحمد بن عبد الوهاب، ليوزع مجاناً على الناشئة، ولا يرعوي في ابتكار سيرة حياة لأب قدمه بصورة البرجوازي، ظناً منه أن ذلك سيقربه من الوزارة، حتى لو كان الأب عمل بشرف كمعلم بناء (أسطى)!
إذا كانت (التعوزة) مثمرة كقناع من أقنعة السلطة، فسنراه يعمل بجد وبلا كلل مشرفاً على طباعة الكتب التي تحول المتخيل إلى أيديولوجية تزيف وعي المستضعفين بلافتات تزيدهم فقراً وجهلاً وعبودية!
افتتح مركزه للمعلومات بعد حرب 94م، ليؤدي وظيفة تجميل القبح، لهذا كانت الرعاية الدائمة من مكتب الرئاسة ومن عبد الكريم الإرياني له، ولورشه التي تخصصت كظل للسلطة وملمع لها! 
كم ملفاً حقوقياً وجنائياً عمل على إحراقه ومواراته التراب!
لدى (الجدليين الحمر) ليس فقط تفهم للمصالح التي يدافع عنها (الكيان السعودي)، وإنما تطبيع العلاقة مع هذه المصالح الساعية نحو شرق أوسطهم الجديد! ولذلك فهم على المستوى المحلي مع التقسيم الذي يطلقون عليه (الفيدرالية)، ومع إضفاء الصفة الثورية على المكونات ما قبل الوطنية، كونها في تحليلاتهم وتسويغاتهم تعبيراً عن (المحليات)! وبالمقابل يؤطرون خصمهم بـ(المتخلف والرجعي والظلامي والأمي، والمبردق ذي الأسمال المهترئة)، بلغة طبقية يموضعون أنفسهم، ولو استمروا يمضغون الشعارات والعبارات العامة، ينطبق عليهم ما قاله ماركس في كتابه (الثامن عشر من برومير - لويس بونابرت...): (وكذلك لا يجوز للمرء أن يتوهم أن الممثلين الديمقراطيين هم في الحقيقة بقالون جميعاً أو دعاة متحمسون للبقالين. فقد يكونون وفقاً لتربيتهم ومركزهم الفردي، بعيدين عنهم بعد السماء عن الأرض. إن ما يجعلهم ممثلين للبرجوازية الصغيرة، هو حقيقة أنهم لا يتجاوزون في أذهانهم الحدود التي لا تتجاوزها هذه البرجوازية الصغيرة في الحياة، وأنهم بنتيجة ذلك يُدفعون نظرياً إلى نفس القضايا والحلول التي تدفع المصلحة المادية والمركز الاجتماعي البرجوازية الصغيرة إليها عملياً. تلك هي بصورة عامة العلاقة بين الممثلين السياسيين والأدبيين لطبقة ما، والطبقة التي يمثلونها).

أترك تعليقاً

التعليقات