أمريكا والقرصنة الدولية
 

طاهر علوان

التقت الإدارة الأمريكية الخائبة مع عتاولة القتل والإجرام والدمار الشامل (إسرائيل والسعودية وتركيا)، في خطة موحدة ومشروع واحد هو تدمير محور المقاومة والصمود والتصدي، الحلم العربي الوحدوي الذي يحمل سمات عصر الحرية والكرامة، وتذوب على عتباته جرائم وموانع كثيرة من مجازر دموية وتدمير وحشي، وخلق حالة من الذعر، والخوف، والتفكك، وإبراز عجز القوى الوطنية ومحور المقاومة عن التصدي للعدوان والدفاع عن الوطن.
الأنظمة العربية هي الخيانة بكل معانيها ومستوياتها، الممول والمشارك والمحرض على العدوان الأمريكي على سوريا واليمن والعراق، وأخيراً على قاعدة الشعيرات الجوية، لم تمر لحظات على العدوان حتى سارعت تلك الدول الخائبة والعميلة (السعودية وتركيا وبعض الدول الخليجية) بتأييد الضربة على قاعدة الشعيرات الجوية، الضربة عملية انتقامية وقرصنة أمريكية لاستهداف المطار الذي تصدى للعدوان الإسرائيلي، وبمثابة دعم ومساندة ورفع المعنويات للجماعات الإرهابية بعد فشلها في جميع الجبهات (سوريا والعراق واليمن). الضربة الصاروخية خروج عن نطاق التوافق والقانون الدولي، وتصب لمصلحة الإرهاب والجماعات التكفيرية في سوريا، وإثبات أن الإرهاب مشروع أمريكي ممول من الدول التي سارعت بتأييد العدوان واعتباره قراراً شجاعاً، تحت ذريعة استخدام سوريا للسلاح الكيميائي، سوريا لا تملك السلاح الكيميائي، وحتى إن وجد فلا يمكنها استخدامه ضد شعبها.
استعراض ترامب لقوته وشجاعته في اتخاذ القرار لا يعني القوة إطلاقاً، ولا الشجاعة بأية حال من الأحوال، وإنما مؤشر ضعف وتغطية لعجز إداري، وسياسة متهورة وطائشة، وخطوة واسعة على طريق الانهيار، وهي قاعدة عرفتها كل الامبراطوريات التي حكمت العالم أو أجزاء واسعة منه.
المعركة التي تخاض حالياً هي تلك المتعلقة بوضع آليات لضبط القرصنة الأمريكية وقوتها واستخدامها على الساحة الدولية، وإذا كان العالم يقر بأن أمريكا آخر القراصنة في العالم، والضاربة بالإرادة الدولية وحياة الشعوب عرض الحائط، فإن الأصوات بدأت ترتفع في الصين وروسيا وإيران وغيرها، داعية إلى ضبط تلك القرصنة، وإيجاد سبل ووسائل تحد من انفلاتها، أول عملية قرصنة لترامب كانت ضرب الجيش السوري، وليس الجماعات الإرهابية، وهي بداية سيئة للغاية، وإثبات أن الجماعات الإرهابية مشروع أمريكي وتمويل سعودي خليجي، وضمن سياق التوجه الجديد لإدارة ترامب المعروف بتقلباته السياسية وباضطراباته النفسية.
أمريكا حاضنة الإرهاب، وتعمل جاهدة على تفريخه في شتى بقاع العالم، في ظل الهيمنة الأحادية على مصائر الشعوب وقمع إراداتها.
العدوان على قاعدة الشعيرات الجوية نوع من التعاطي السياسي الذي يحمل سمات الانحطاط، والقرصنة الدولية، ويكرس لغة أحادية القوة والهيمنة، ومحاولة تطويع العالم وفق طموحات ورغبات أمريكا ومصالحها، غير أن السيطرة الكاملة على العالم مستحيلة، ولن تتحقق بأي شكل من الأشكال، بالرغم من استماتة ومحاولة أمريكا السياسية العديدة لعجن العالم وإعادة صياغته حسب رغباتها ومصالحها، لتصنع نظاماً عالمياً جديداً متكاملاً أمنياً واقتصادياً وسياسياً، يعمل بتناغم وتناسق بقيادة المايسترو عالمياً أمريكا، وإقليمياً إسرائيل.
التوازن الاستراتيجي بين أمريكا ومشاريعها بات مستحيلاً، والاندفاعات والتهورات والتحالفات تدل على ذلك، وبشكل يومي.
نقف إجلالاً لسوريا وحلفائها الذين يتصدون للإرهاب، وواثقون كل الثقة في قدرة دمشق ومحور المقاومة على الانتصار.

أترك تعليقاً

التعليقات