الشرق أوسطية إلغاء الهوية العربية
 

طاهر علوان

تسعى أمريكا بقوة وإصرار عن طريق أدواتها في المنطقة (إسرائيل والسعودية)، لفرض أهدافها الاستراتيجية الاقتصادية والعسكرية، بإقامة نظام شرق أوسطي بديلاً عن الجامعة العربية، والسيادة العربية، والاستيلاء التام على مجمل الثروات العربية، والموقع الجغرافي المتميز والهام والذي يقع بين قارتين (أفريقيا، وآسيا)، ويمتد على سواحل محيطين (الهندي، والأطلسي)، ويصل بين بحرين (الأبيض المتوسط، والأحمر)، ويربط أطراف العالم كافة، ويمنح العرب خصائص جغرافية وصلة وصل الأسهل والأقرب، ويشكل تاريخاً وحضارة واقتصاداً.
ما يجري ترويجه من قبل أمريكا والسعودية، والزيارات المتكررة لممثل حامي الحرمين (أنور عشقي)، يستهدف حل الروابط العربية والجامعة العربية، واجتثاث جذورنا الحضارية، والقضاء على هويتنا الثقافية والوجودية، وتحويل العرب إلى هنود حمر. الخسارة الاقتصادية يمكن تعويضها، لكن الخسائر على جبهة الهوية والوعي الثقافي يستحيل تعويضها. كل ما يطرح من قبل أمريكا لا ينسجم مع الحقائق التاريخية، وهو قفز على مصالح وحقوق الشعب الفلسطيني.
تخوف أمريكا من سيطرة العرب وقيام حالة وحدوية تعيد عصر النهوض والازدهار العربي، جعل أمريكا تسارع بالترتيبات ورسم أشكال جغرافية حسب خيالها المريض، ومصالحها، وأهدافها في المنطقة، دون رأي وخيارات شعوب المنطقة العصب والمصير لأي مخطط، والضمان لنجاح أي مشروع سياسي في المنطقة.
هدف أمريكا الأساسي والاستراتيجي جعل النظام الشرق أوسطي بمثابة حتمية تاريخية لا خيار لنا حياله سوى خيار الانخراط الكلي فيه بديلاً للنظام الإقليمي العربي، انطلاقاً من دعمها لمفاوضات السلام الثنائية من مدريد إلى واشنطن، وحتى المفاوضات المتعددة في أكثر من عاصمة من عواصم العالم، هدفها إرساء القواعد والأسس الاقتصادية والأمنية والسياسية والاجتماعية والثقافية للنظام الشرق أوسطي، بحيث يؤدي إلى  التطبيع بين الأقطار العربية والكيان الصهيوني على جميع المستويات، وفتح الحدود، وإقامة العلاقات الكاملة معه، نظام متكامل تتفرع منه السوق المشتركة بتصور أمريكي لإنهاء القومية العربية، وإغلاق الجامعة العربية وإنهاء دورها بالكامل، حتى تلك الاجتماعات الوهمية، والقمم، والقرارات الميتة، والوصول بها إلى قرارها الأخير بإنهاء المقاطعة العربية لإسرائيل، وترتيب الأوضاع في المنطقة، وإعطاء إسرائيل أدواراً رئيسية تتعلق بالاقتصاد، والتسليح، وتوزيع ثروات المنطقة، ونوع أنظمة الحكم، ولن تتعامل أمريكا مع أية دولة عربية عضو في الجامعة العربية أو أي تحالفات أخرى، والتعامل سيتم عبر النظام الشرق أوسطي، وإلزام الدول العربية بالتعامل والتعاون مع إسرائيل وبشروطها، وفي جميع المجالات.
المشروع الأمريكي الشرق أوسطي المدمر رصاصة الرحمة لكل روابطنا التراثية، والعقائدية، والاقتصادية، والثقافية، والحضارية، وحتى لكثير من معتقداتنا الدينية. فكرة الشرق أوسطية قديمة تعود إلى أحلام مؤسس الحركة الصهيونية (هرتزل)، خلاصة الحلم (يوتيبا) هرتزل تحويل الشرق الأوسط إلى منطقة يخيم عليها السلام والتعايش، حيث تجتمع الثروات العربية الواسعة مع التمركز، والسيطرة، والإدارة الحكيمة الاستثنائية للقوة العقلية التي يمتلكها الصهاينة، لإيجاد جنة من الرخاء على الأرض.  
النظام الشرق أوسطي من ضمن المطالب الإسرائيلية، وتسعى السعودية جاهدة لتطبيقها، وإعطاء الدور القيادي لإسرائيل لإدارة المنطقة وابتلاع ثرواتها، تنفيذاً للمخطط الأمريكي، وعلى العرب أن يقبلوا بالدور الأدنى بعد سحب كل عناصر قوتهم.

أترك تعليقاً

التعليقات