جاء يكحلها عماها
 

عبد الحافظ معجب

(اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس).. لو كان (جوبلز) وزير إعلام هتلر، يعيش معنا لغيَّر مقولته إلى (اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يقول الناس إنك الناطق باسم العدوان على اليمن أحمد عسيري)، لأن نظرية (حتى يصدقك الناس) لم تعد مجدية في زمن كشف الحقائق وفضح التضليل والتزوير.
أفيخاي عسيري فاق كل معلميه بالكذب منذ تكليفه بمهمة تجميل الوجه القبيح لمملكة الشر وشركائها في الحرب، ومن خلال مؤتمراته الصحفية التي اعتاد على عقدها بشكل يومي في بداية العدوان، مارس (البغل الأسمر) كل أنواع الكذب والشطح الإعلامي الذي سرعان ما كان يتبدد بالحقائق الثابتة على الأرض، والمعززة بالصوت والصورة الموثقة بعدسات الإعلام الحربي.
توقف العسيري عن عقد مؤتمراته الصحفية بعد شهرين من انطلاق عاصفتهم المزعومة، معلناً أنه سيعود لعقدها إذا استدعت الحاجة لذلك، وتوارى عن الأنظار كثيراً، واقتصر ظهوره على بعض القنوات السعودية في اتصالات هاتفية يكرر فيها نفسه، ويحاول ترقيع كل فعلة تثبت غير ما كان يدعيه سابقاً من انتصاراتهم (الخنفشارية).
واقعة البيض (أبو زلالين) في لندن أعادت العسيري إلى الواجهة، وتحول إلى حديث الصحافة والإعلام، بعد أن اقترن اسمه بالبيض الذي رشقه به الناشطون البريطانيون أثناء تواجده في بلادهم للمشاركة في ندوة حول عدوان أسياده على شرفاء اليمن.
(ماقدرش) البغل هذه المرة يتوارى عن الأنظار، وقرر المواجهة والظهور على الإعلام لإطلاق شطحات جديدة تنسي الناس (واقعة البيض)، ومن منصة الكذب المستمر (قناة العربية) ظهر عسيري في حوار استمر قرابة الساعة، مرر فيها أكاذيب بالجملة والتجزئة، ولكن كذبة واحدة كانت محل اهتمام الجميع.
أراد العسيري أن ينسى العالم فضيحة البيض، وينشغلوا بموضوع عرض السيسي إرسال 40 ألفاً من الجيش المصري إلى اليمن، فانقلب السحر على الساحر، واستحضر الجميع الواقعة من جديد، ولسان حالهم: (ما ينفع مع العسيري إلا البيض الفاسد).
المهم أن العسيري حصل معه مثلما القبيلي الذي (ضرط) في ديوان الشيخ، وغاب سنة كاملة عن الديوان لأجل ينسى الناس فعلته، ولما رجع دخل الديوان متخوفاً، وبدل أن يسأل (وين أجلس؟)، خانه التعبير وقال (وين أضرط؟)، فقال له الحاضرون مكان (ما ضرطت) السنة الماضية.
تراجع البغل عن تصريحاته، وحاول لملمة الأمر بأكثر من تصريح يكذِّب فيه نفسه بطرق مختلفة، بعد أن حشرته مصر بزاوية ضيقة، وكذَّبت ما قاله جملة وتفصيلاً.. المصريون لم يستغربوا من كذب العسيري، وهو الذي لا يجيد سوى الكذب، ولكنهم استغربوا من توقيت إطلاق هذه الكذبة التي تتزامن مع اقتراب موعد الزيارة المرتقبة للرئيس السيسي إلى الرياض، في ظل الخلاف القائم بين البلدين، والذي يعود أصله إلى عدم تجاوب الدولة المصرية مع طلبات المملكة المتكررة بإرسال قوات مصرية للقتال في اليمن، بالإضافة إلى قضية جزيرتي (تيران) و(صنافير).
صمود الشعب اليمني، وبسالة جيشه ولجانه، والخسائر الكبيرة التي تكبدتها القوات الغازية، ولَّدت قناعة راسخة لدى المصريين بعدم مشاركة جيشهم في حرب خاسرة، معتبرين أن إرسال أية قوات مصرية للقتال خارج حدود الأراضي المصرية (خط أحمر) بالنسبة للمؤسسة العسكرية المصرية.
العسيري الذي جاء يكحلها عماها، يحضر دائماً عند الكذب والتضليل، ويبتلع لسانه عندما ينتظره شعب بلاد الحرمين للتعليق على ما تتعرض له بلادهم من خسائر فادحة في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، و(يدعمم) عند إطلاق الجيش اليمني للصواريخ الباليستية التي أصابت العاصمة، وتهدد بقية مدنه الرئيسية.
بالله عليكم يسمونه متحدثاً رسمياً باسم قوات التحالف، ولا يعلق حتى بكلمة واحدة عن مصرع 12 ضابطاً سعودياً من المشاركين في التحالف، بإسقاط الطائرة التي كانوا يستقلونها في مأرب، كان أقل شيء بيقول إن الطائرة سقطت بخلل فني أو بسبب سوء الأحوال الجوية، أو حتى اصطدمت بنيزك قادم من السماء.

أترك تعليقاً

التعليقات