الطريق إلى صنعاء
 

عبد الحافظ معجب

إعادة (الدنبوع) إلى السلطة بصنعاء كان من الأهداف المعلنة لتحالف العدوان على اليمن، وفي الواقع كانت العاصمة صنعاء هي الهدف منذ اللحظة الأولى للعمليات العسكرية، ووضع الخبراء الأمريكان مدة 15 يوماً للوصول إلى صنعاء وإسقاط الثورة، وبعد انطلاق عمليات (العاصفة) جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، وانقضت المهلة المحددة ومابوش من الخبر خبر، فتم التمديد لمهلة أكبر ومدتها 3 أشهر، وترددت خلالها الكثير من الروايات حول الإنزال البري والبحري لقوات العدوان لتطويق صنعاء والدخول إليها وإنهاء العمليات العسكرية بانتصار التحالف على الشعب اليمني وثورته وجيشه ولجانه الشعبية.
بعد انقضاء الأشهر الـ3 أعلن رئيس هيئة الأركان العامة (الدنبوعية)، اللواء محمد المقدشي، أن السيطرة على صنعاء على رأس أولويات القوات (الدنبوعية)، مؤكداً قرب دحر ما وصفها بـ(الميليشيات المتمردة) من العاصمة.
من تمديد إلى تمديد استمرت فكرة الدخول إلى صنعاء بمثابة (الحلم) لدول العدوان، والواقع على الأرض كان يقول إن صنعاء حلم غير ممكن تحقيقه، لكن الحلم ببلاش، وبعد مرور 6 أشهر على أول مهلة بدأ (المحلحلون) السعوديون بإطلاق تحليلاتهم ومقترحاتهم حول (معركة صنعاء)، وأتذكر ما قاله حينها العقيد إبراهيم آل مرعي الذي عرَّفته قناة (الجزيرة) يومها بأنه خبير عسكري واستراتيجي، كان يقول (كي يصبح تحرير صنعاء سهلاً فلا بد لقوات التحالف من توجيه ضربات جوية مركزة ومكثفة) لإنهاك الجيش واللجان الشعبية.
ومضى آل مرعي يسرد أن التحالف يتحرك وفقاً لثلاثة مسارات، أولها سياسي وهو القبول بتسوية سياسية في إطار القرار الأممي 2216 دون استثناء أية فقرة، وثانيها هو جهد إنساني وإغاثي وأمني، ثم الجهد العسكري وهو الأبرز، ويتمثل في وصول حشود إلى مأرب ومنها ستكون الطريق سهلة إلى صنعاء.
على كل قنواتهم الفضائية ووسائلهم الإعلامية انطلقت التصريحات والأخبار والتقارير اللي توهم العالم أن معركة صنعاء أصبحت وشيكة، وستكون خلال فترة وجيزة، وأن جميع خيارات منافذ الدخول للمدينة متاحة أمام تحالفهم.
ووفقاً لصحيفة (الشرق الأوسط) فإنه سيكون هناك دعم لوجستي من داخل صنعاء، وتحديداً القدرات العسكرية (للمقاومة) وجاهزيتها قبل اقتحام المدينة.
قررت أبوظبي تولي المهمة بعد أن استعانت بالخبرات الأمريكية التي رسمت لها خطة تتضمن الدخول إلى صنعاء في فترة وجيزة غير مسبوقة، لن تزيد عن الشهر، اعتماداً على نقاط رئيسية، منها (تجهيز الوحدات العسكرية، والتحضير لعملية الاقتحام، مع توفير الإمكانات اللازمة للتحرك السريع في كل الاتجاهات لحسم الأمور في فترة وجيزة).
فعلاً حشدت دول العدوان بقيادة الإمارات قواتها وآلياتها إلى مأرب، وزارهم (الحاج توشكا) وما قصر معهم، حصد أرواح العشرات من الإماراتيين والسعوديين والبحرينيين، وأحرق آلياتهم ومعداتهم اللي كانوا حشدوها لمعركة صنعاء، بعد أن (فحَّم) جثث جنودهم وضباطهم و(قرح مشروع احتلال صنعاء جو).
بعدها خمدت الأمور وانشغلوا بدفن أشلاء جنودهم وتقديم التعازي، وجلسوا يعترفوا بحجم خسائرهم البشرية والمادية بالتقسيط، واختفى الحديث عن معركة صنعاء إلى أن ظهر الدنبوع في مقابلة مع صحيفة (عكاظ) بالتزامن مع مرور سنة كاملة على عاصفتهم، وتحدث (هادي) عن أهمية نظرية نابليون في الحصار والتطويق، وقال إنهم يسيرون وفق هذه النظرية، ومن هاذيك الأيام والأغبياء مصدقين أن التحالف يسير وفق نظرية (راعي لي باجي لك سامحني حيرتك).
القناعة أصبحت كاملة ومؤكدة لدى دول العدوان أن (صنعاء بعيدة) والرياض وأبوظبي أقرب، لكن الحلم لم ينتهِ لدى الأمريكان الذين تقدموا مؤخراً بخطة جديدة، وهي الدخول إلى صنعاء وفق نظرية الجنرال (إميليو مولا) بالخلخلة من الداخل، وهذا آخر الحلول المقترحة للوصول إلى صنعاء.
الأمريكي اليوم يشتغل على معركة الشركاء، والاحتراب في ما بينهم، وإسقاط صنعاء من الداخل، ليتسنى له الدخول إليها دون أن يخسر مقاتلاً واحداً أو طلقة واحدة.
يعني صمودنا وتضحياتنا وصبرنا ومواجهتنا للعدوان خلال العامين والنصف، كلها بتطلع (فشوش) لو نجحت الخطة الأمريكية و(تخابطنا بيننا البين)، وبتكون فعلاً الطريق إلى صنعاء سالكة، ويا (خوفي نكون ساع الذي صام وبالأخير يفطر على بصلة).

أترك تعليقاً

التعليقات