حسين فهمي وبثينة
 

طاهر علوان

إن موقف والتزام الفنان والمثقف بآمال وطموحات وآلام شعبه وأمته العربية، ومشاركته المحن والانتصارات، والتزامه بالقيم الإنسانية والأخلاقية، تحدد مضمون رسالة الفنان والمثقف تجاه شعبه، وتسهم في صياغة وجدانه وفكره، وتساعد على انتصار قيم الحق والعدالة والحرية، وتغيير الواقع المعتم إلى واقع أكثر إشراقاً. 
تضامن بعض السينمائيين العرب وكسروا الحصار والصمت الدولي والعربي المفروض من قبل تحالف همجي متوحش وتعنت سعودي إماراتي وطغيان المال الذي امتهن كرامة الكثير من ضعفاء النفوس، وهناك أيضاً طغيان الحقيقة، فالعالم ليس مغلقاً تماماً، بل إن ثمة قيماً وأشكالاً للتضامن الإنساني ماتزال قادرة على البقاء والتأثير وقول الحقيقة، حيث شارك الفنان القدير حسين فهمي ورفاقه في حملة تضامن لكسر الحصار والصمت، والدعوة إلى وقف العدوان الوحشي على اليمن بلقطة فنية معبرة متضامنة مع الطفلة بثينة، تدين العدوان، ووصمة عار لقوى التحالف السعودي تداولتها مواقع وصحف ووكالات عربية ودولية، ووصلت أخيراً إلى قلب العالم المتحجر بتقليد حركة الطفلة بثينة وهي تحاول فتح عينيها بعدما تعرضت لإصابات متعددة، وفقدت كل أفراد عائلتها جراء قصف العدوان البربري لمنزلها في صنعاء.
صرخة الفنان حسين فهمي في وجه العدوان المتوحش، وتضامنه مع الشعب اليمني والطفلة بثينة ضد من قتل جميع أفراد أسرتها وسرق منها الطفولة والبراءة، يتمها دون سبب أو ذنب، ذنبها أنها وجدت في وطن يرفض الذل والوصاية والظلم، وطن يتطلع إلى الحرية والكرامة، يتوق للتحرر والانعتاق من عهود التسلط والفساد، وطن يستبصر أغواراً في باطن الأرض، والذاكرة الجماعية، والتاريخ المثقل بالمآسي والنكبات والقهر، تاريخ تنسجه مملكة الشر السعودية وأدواتها من أنظمة فاسدة وسلطات العهود العقيمة، والتي خضعت للوصاية وفرضت علينا، وتآمرت على طمس معالمنا التاريخية والحضارية والإنسانية، ومحونا من الوجود بعدوانها المستمر.
في ظل العدوان والحصار الخانق ومؤامرات الصمت، نستمد قوتنا وروح المقاومة والفرح والعزاء والإصرار على الصمود وعبور لحظات اليأس والتعب والأزمات نتيجة العدوان الظالم، نستمد قوتنا من تلك القامات الشامخة، من يملكون أغلى ما في الوجود؛ الكرامة وشرف الانتماء لأمتنا العربية، يدافعون عن كرامتها وكرامة الإنسان وحقه في أن يعيش حراً كريماً على أرضه. 
يمتاز الفنان الرائع حسين فهمي الإنسان، والموقف، والضمير، من فرض وجوده الإنساني والسينمائي في عصر الامتهان، والذل، والخضوع لبريق النفط، والمصالح الذاتية الملوثة بدماء الفقراء والمستضعفين، باختراقه حاجز الصمت، واقتحام أبواب الحصار الخانق والتعتيم والزيف من قبل إعلام العدو الأخطبوطي، من جعل من العدو صديقاً، ومن الخائن والخونة والمرتزقة أبطالاً، والأبطال خونة، ومن الشهداء قتلة، ومن القتلة شهداء، يمتاز هذا الفنان الرائع عن أولئك المصابين بفقدان الكرامة والذاكرة الوطنية والانتماء الإنساني، جرذان أنابيب النفط الملوثة بدماء اليمنيين، من فرطوا بوطنهم وكرامتهم وناسهم، ولم يهتز لهم جفن أو يخفق لهم ضمير بقتل أبناء جلدتهم (أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً) صدق الحق. 
لن نتزحزح، ولن نهتز، ولن نفرط بشبر من أراضينا، وسوف نظل نقول (لا) وإن دفعنا الثمن غالياً. إنه الطريق الصعب والكريم اخترناه صعوداً إلى مرفأ العزة والكرامة. النصر المؤكد حليفنا بقوتنا وعزيمتنا وإصرارنا وصمودنا. 

أترك تعليقاً

التعليقات