سينما وأفلام سعودية
 

عبد الحافظ معجب

قبل نصف قرن كانت دور السينما في شوارع الرياض الرئيسية، مثلها في ذلك مثل القاهرة وبيروت، وغيرها من العواصم العربية، وظلت السينما في السعودية حتى سبعينيات القرن الماضي أمراً اعتيادياً داخل المملكة، وكان الجمهور يقبل على مشاهدتها داخل (الأحواش) المخصصة لعرض الأفلام، وأغلبها في الأندية الرياضية.
وبحسب من أرخ لذلك، فإن بدايات (توطين الإنتاج السينمائي) شقّت طريقها منذ بداية خمسينيات القرن الماضي وحتى نهاية السبعينيات، وظهر أول فيلم محلي عام 1950م، وحمل عنوان (الذباب)، أما البداية الحقيقية للإنتاج السينمائي السعودي فكانت عام 1966م، حين أنتج فيلم (تأنيب الضمير).
استمرت السينما السعودية بالتطور الفني والإنتاجي حتى وصلت عام 76 إلى فيلم (اغتيال مدينة)، الذي تناول الحرب الأهلية اللبنانية، ومدى الضرر الذي ألحقته بمدينة بيروت، وحاز حينها على جائزة (نفرتيتي) لأفضل فيلم قصير، ليعرض في مهرجان القاهرة السينمائي عام 1977م.
وعندما اصطدم هذا التطور بسلطة الوهابية التكفيرية، وجهت اتهاماتها للسينما، بأنها تروج للرذيلة والاختلاط والفاحشة والمنكر، ما أدى إلى إغلاق دور السينما، حتى انتهى وجودها بشكل تام في حقبة الثمانينيات.
وبعد غياب طويل للأعمال السينمائية، ونتيجة لحالة التعطش الكبير لهذا الفن في المملكة السعودية منذ الثمانينيات، لقي الإعلام السعودي في العدوان على سوريا والعراق واليمن فرصة لإنعاش السينما من جديد، ولكن هذه المرة أفلام بدون سينما، أفلام قصيرة عبر شاشات العربية والإخبارية والحدث تصل إلى كل بيت، وأهدافها بالتأكيد ليست نبيلة، وإنما أهداف قذرة تتماشى مع قذارة الحرب الأمريكية الإسرائيلية على منطقتنا.
منذ بداية العدوان على اليمن أنتج إعلام السعودية عشرات الأفلام، حصل على المرتبة الأولى فيلم (إغراق النازحين) الذي كان من بطولة رياض ياسين وعز الدين الأصبحي، وإنتاج قناة الحدث، وتم تدشينه بمؤتمر صحفي بالرياض، استخدمت فيه صور مزورة تدعي اعتداء اللجان الشعبية على قارب محمل بالنازحين من أهالي عدن، وسرعان ما انكشف الأمر، وعرف الجميع حقيقة الصور المفبركة.
المرتبة الثانية حاز عليها فيلم (جبل صعدة) الذي ادعت فيه قناة الإخبارية أن مراسلها وصل رفقة قوات التحالف إلى الأراضي اليمنية، وبث تغطيته المباشرة من أعلى جبل صعدة الذي ماهلوش بالخريطة ولا بالجغرافيا خالص.
أما المرتبة الثالثة فكانت من نصيب فيلم (حصار تعز)، وهذا الفيلم الدرامي اشتركت فيه كل قنوات السعودية والإمارات وقطر، وصدرت منه عدة أجزاء، ولازال مستمراً في العرض حتى اليوم.
المرتبة الرابعة حصل عليها فيلم (الوصول إلى صعدة)، والذي كان من بطولة محمد العرب وإنتاجه حصرياً على العربية والحدث، ولحد اليوم لم يستطع بطل الفيلم أن يقدم مشهداً واحداً يثبت فيه تمكنه من الدخول إلى صعدة، وكل المشاهد المستخدمة في الفيلم مصورة بتقنية (الكروما) والاستيديوهات المتنقلة.
أما المرتبة الخامسة وكانت مخصصة لفيلم (اختفاء الرئيس) طبعاً كان من أسوأ الأفلام لاعتماده على عناصر التشويق والإثارة دون تقديم أية حقائق، وسرعان ما انتهى مفعول الفيلم بظهور الرئيس الصماد في زيارة علنية لمكان استهداف طائرات العدوان بمدينة صنعاء.
من المرتبة الخامسة إلى العاشرة كانت الأفلام الفائزة بجائزة (الخرط والتضليل) أعمالاً قصيرة، وغالباً استخدمت فيها الهواتف الذكية، وجرى إنتاجها بشكل فردي، وتبنتها قناتا العربية والحدث، مثل فيلم (التعذيب في سجون المليشيا)، وفيلم (الأسير الأفريقي)، وكذلك فيلم (تجنيد الأطفال).
ولا ننسى أن نشير إلى أن إنتاج الأفلام السعودية تجاوز العدوان على اليمن، وانطلق في عدة محاور واتجاهات، وبرزت خلال الفترة الأخيرة أفلام سينمائية قصيرة وأفلام أكشن وإثارة من بطولة (المهفوف) محمد بن سلمان، ومنها فيلم (رؤية 2030) وفيلم (هيئة الترفيه) وفيلم (مشروع نيوم) وفيلم (مكافحة الفساد) وفيلم (استقالة سعد).

أترك تعليقاً

التعليقات