محمد طاهر أنعم

التقاء بن سلمان وبن زايد في الرياض، الأربعاء الماضي، مع محمد اليدومي (رئيس الهيئة العليا للإصلاح)، وعبدالوهاب الآنسي (الأمين العام للحزب)، إنما هو في إطار الصراع الإقليمي المرير بين محوري (قطر ـ تركيا) و(السعودية ـ الإمارات).
منذ انفجار الصراع قبل بضعة أشهر، والمتمثل في حصار قطر جوياً وبرياً واقتصادياً، تنامى العداء بين تلك الدول.. في البداية كانت قطر تحاول بكل طريقة تحييد السعودية وحصر العداء والصدام مع الإمارات فقط، وإيضاح أن المواجهة إنما هي قطرية إماراتية ليس للسعودية دخل فيها، ولكن لم تنفع تلك المحاولات، وقام الإعلام السعودي بتأييد التحركات ضد قطر بشكل قوي وواضح، يثبت أن أمامه ضوءاً أخضر، وأن هناك تحالفاً إقليمياً متماسكاً بين السعودية والإمارات، وشاركت معهم في قضية قطر كل من مصر والبحرين، وتم عقد عدة اجتماعات لوزراء خارجية هذه الدول الأربع بخصوص القضية القطرية.
حينها استعانت قطر بالقوات التركية لتفعيل معاهدة دفاع مشترك موقعة بينهما، وذلك لكبح جماح السلطات السعودية والإماراتية التي يبدو أنها كانت تخطط لاقتحام قطر بناء على انقلاب عسكري وسياسي من جناح داخل الأسرة الحاكمة القطرية موالٍ للسعودية والإمارات.. نجحت الخطة القطرية، وكان لاستقدام آلاف الجنود الأتراك دور كبير في تردد السعودية والإمارات في تنفيذ أية خطط عسكرية ضد قطر، وترسخ هذا المحور القطري التركي، والمؤسس منذ سنوات طويلة.
وتنامى العداء الشعبي في قطر ضد السعودية، وانعكس ذلك الأمر على جماعة الإخوان المسلمين في كل مكان، حيث ترتبط بروابط مالية وسياسية قوية مع قطر ومع تركيا، وخاصة في مصر بعد المواقف القطرية التركية القوية عقب انقلاب السيسي على الرئيس السابق محمد مرسي.
ذلك الأمر أدى لانقسام في مواقف إخوان اليمن المتجمعين في حزب الإصلاح، حيث تعاطف بعضهم مع المحور القطري التركي الحليف الوثيق للإخوان، وانحاز بعضهم للسعودية والإمارات باعتبارهم الفاعل القوي في الحرب اليمنية ضد خصومهم المحليين المتمثلين في أنصار الله وحزب المؤتمر.. كانت الغلبة في البداية للاتجاه المصلحي المؤيد للسعودية، ولذلك خرجت تصريحات كثيرة من قيادات إصلاحية في هذا الاتجاه، خاصة بعد ارتهان اليدومي والآنسي بشكل كامل للسعودية بسبب إقامتهما فيها ومصالحهما المالية الواسعة التي سهلتها لهما السلطات السعودية هناك.
ولكن ومع تطورات الأوضاع في الخليج، وكذلك بعد أحداث صنعاء قبل أسبوعين، بدأت تظهر أصوات إصلاحية قيادية كثيرة -وخاصة في تركيا- تهاجم السعودية والإمارات ودورهما في اليمن، وتدعو لإيقاف هذه الحرب العبثية، بل دعا بعضهم للحوار مع أنصار الله، مثلما صرحت القيادية توكل كرمان في صفحتها.
هذا الأمر دفع ابن زايد وابن سلمان للاجتماع باليدومي والآنسي في لقاء مصور لإرسال رسالة للإصلاحيين أن علاقتهم بهذه الدول جيدة، وأنهم يجب أن يقاتلوا في اليمن لصالحها، ولا يستمعوا لأصوات إيقاف الحرب والتصالح البيني اليمني الداخلي.
نتوقع خلال الأيام القادمة حصول مزيد من التواصل والجدل داخل الإصلاح حول هذين التوجهين المرتبطين بالصراع الإقليمي في المنطقة.

أترك تعليقاً

التعليقات