الأمل المؤلـم
 

د. مهيوب الحسام

ما بين قوة اليأس وضعف الرجاء مرحلة أمل مؤلم، وألمها أشد قسوة من ألم لحظة الحقيقة السوداء المرة المؤلمة، فالترقب وطول الانتظار المغمور بيأس حلو النتيجة المرجوة مؤلم للنفس والجسد، مرهق مؤرق للجهد المبذول في تفكير مغلق غير موصل لشيء، إلا لرجاء ميئوس، ومرارة وغصة تبحث عن مبررات لأمل معدوم تجيز اجتراع المر من حلو أمل غير مأمول ومعادلة صماء تنتج ذاتها على أمل أن يتحول العجل إلى بقرة حلوب.
إن ذلك الأمل الذي نعيشه أشد إيلاماً من ألم الحقائق المؤلمة، وأكثر وجعاً من الوجع ذاته، فالحقيقة مهما كان ألمها ومهما ولد كبيراً، فإنه يتراجع وينسحب من الجسم والعقل، ويصغر تدريجياً، ويخف وقعه يوماً إثر آخر، بينما الأمل المؤلم وإن ولد صغيراً، فإنه يكبر ألمه بمرور الزمن، وترتفع كلفته أكثر كلما تأخر الحسم ولم يقطع الشك اليقين، فإن زيادة الثمن المدفوع أمر واقع، كما حصل لنا وللشعب اليمني مع علي عفاش منذ بداية العدوان (السعوصهيوأمريكي).
ومنذ أعلن وقوفه ضد العدوان شفهياً قولاً، وهو معه عملاً وممارسة وفعلاً، ونحن على انتظار أن يصدق، مع علمنا أنه يكذب، ويعرقل تحركنا ضد العدوان، ويعيق أي عمل سيؤدي لهزيمة العدوان، لكننا وتجنباً لفتنة لا نحتاجها، نصبر على المر، ونمشي على الجمر، ونتجرع الألم على حساب مواجهتنا للعدوان، وكل يوم ندفع من دمنا أنهاراً، ويواجه بالصبر والاحتساب والعفو ربما أدرك أو فهم أو راجع نفسه وتراجع عن موقفه الخياني وغيه وبغيه، ونعرف أنه كان حالة ميئوسة الصدق والوفاء، ورغم ذلك كنا نصل الصبر والتسامح بالدعاء أن يوفقه الله للصواب والخاتمة الحسنة، وكنا نفرح كثيراً إن تكلم ولو كلمة ضد العدوان، إلى أن تراجع عن موقفه الصوري ضد العدوان، وأعلن موقفه ضد الشعب وضد نفسه وأقواله، فكان مر الحقيقة وألمها أخف ألف مرة من ألم ذلك الانتظار وثمنه الباهظ، وكلفته العالية، ويبدو أن جانباً من دعائنا له قد تحقق بأن وفقه الله لأن يختار طريقه مع العدوان في خطاب معلن كي لا يكون على الناس حجة بعد الخطاب، ذلك الخطاب الذي اختصر الطريق، وقلل الكلفة كثيراً، وكان موفقاً في إنهاء نفسه بنفسه، فوفر كثيراً من الدماء.
إن الفترة الزمنية بين شدة اليأس والرجاء المعدوم (غير المجدي) غالباً ما تكون من أسباب الهزائم لو طالت، وتم الاستسلام لها والتسليم بها، وهي فترة قاتلة في حال غاب الوعي وقل الصبر والإدراك، والنظام المقبور على مدى 40 عاماً كان يعد الشعب لذلك إنفاذاً لأمر أداة الوصاية وأصيلها الاستعمارR03;ي، لكن الشعب اليمني العظيم أسقط رهاناتهم.
إن الثمن الذي دفعه الشعب اليمني كبير جراء تصرفات الخونة، وليس آخرهم زعيم الفتنة قائد المليشيات، وإعلان وقوفه مع العدوان في لحظة مصيرية، رغم وقوفه معه عملياً منذ الوهلة الأولى، وإن خالفها قوله، وهذا يكشف ويبين أن موقفه الخياني ليس نكاية بأنصار الله كما قال، بل هو موقف أصيل، إنها العمالة للأجنبي، والخيانة للوطن المتأصلة فيه، ومن قبل توليه مقاليد حكم البلد وطوال عهده الوصائي المؤسف، والأليم أيضاً.
وللأمل المؤلم أنواع كانتظار أن يُستأنسن العدوان دون مواجهة وردع، وهو المحال بعينه، وكذلك انتظار أن يصبح الظلم عدلاً، والاستبداد حرية، والتبعية والارتهان استقلالاً، وهذا ما يحاول العدوان الاستعماري الترويج له وتسويقه لنا من خلال حرب المفاهيم والمصطلحات، وعليه فإن أملنا أن يتحول العميل إنساناً، والخائن وطنياً، هو أمل مؤلم، وانتظار أن يكون أو يتحول المحتل محرراً، هو انتظار مؤلم، لأنه ضرب من الجنون أن يتحول الشيء نقيضه، فذلك أملٌ ميئوس مؤلم. ولذلك فإنه كما لليأس من الشيء ألم، فإن للأمل المعدوم ألماً أكبر، مثلما لارتفاع درجة الحرارة أثر حارق للمادة الحية، فإن لانخفاضها (برودة) أثراً حارقاً أيضاً.
إن لحظة الحقيقة المؤلمة التي ضرب فيها جسد العدوان (الفتنة)، لم تكن مؤلمة أكثر من ألم مرحلة أمل سبقت، فبعد ضرب الجسد كان (بركان 2H) لضرب رأس العدوان في قصر اليمامة، قصر العدوان ورمز سيادته، والقادم أعظم.
التحية والإجلال والإعزاز للشعب اليمني العظيم بجيشه ولجانه الشعبية.. الرحمة والخلود للشهداء أطهر من في الأرض، وأنبل بني البشر.. الشفاء للجرحى.. الحرية للأسرى.. الموت للعدوان (السعوصهيوأمريكي).. اللعنة على بني صهيون العرب واليهود.. الخزي والعار للخونة والعملاء.. اللعنة على أنصاف الرجال.. الشكر بعد الله للقوة الصاروخية.. النصر للشعب اليمني العظيم.

أترك تعليقاً

التعليقات