العودة للمفاوضات السياسية
 

عبد الحافظ معجب

يدرك ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أكثر من غيره، أن الحل الوحيد لإنزاله من (الشجرة) هو الحل السياسي المتمثل بوقف العدوان ورفع الحصار، لاسيما بعد أن طرق كل الأبواب العسكرية وجرب كل الأسلحة المسموحة والممنوعة.
3 سنوات والسعودية ترسل لمرتزقتها مليارات الدولارات وتدرب المقاتلين وتعززهم بالأسلحة النوعية وتغطيهم بالطائرات وتنفذ آلاف الغارات الجوية، وبالأخير محصلة إنجازاتهم ثلاث (تباب) وأربع (مديريات) وخمس (قرى) وثنتين (عزل). 
استخدمت السعودية في عدوانها على اليمن، الى جانب الغارات والحصار، المال، واشترت (الدنبوع) وحكومته والمشائخ والمرتزقة من إصلاح ومؤتمر واشتراكي وناصري، واستخدمت الإعلام، وسخرت ماكينة إعلامية كبيرة، الى جانب كل الأبواق المحلية والعربية والغربية، وتمكنت من احتلال اليمن وقتل كل قياداته عبر القنوات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية والصحف وصفحات (فيسبوك) و(تويتر) ومجموعات (واتساب)، واستخدمت الدبلوماسية الغربية ومجلس الأمن والأمم المتحدة ومبعوثها ولد الشيخ وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والبرلمان العربي ومنظمات غير إنسانية وغير حقوقية، واشتغلوا معها (قلب ورب) وما فيش فايدة.
إعادة إحياء المفاوضات من جديد، وتعهد الأمم المتحدة بإعادة الأطراف اليمنية إلى طاولة المفاوضات بحثاً عن حل سلمي، يؤكد أن (البغل) بن سلمان لم يعد مؤملاً على التدخل الأمريكي المباشر، ولا على معركة الساحل الغربي، ولا حتى على المعارك التي استنزفت السعودية بشكل كبير، وقبول (بن سلمان) باستبدال (ولد الشيخ) غير المرغوب يمنياً مؤشر على الخضوع والاستعداد للقبول بشروط الشعب الصامد للخروج بأقل الخسائر. 
وفي ضوء الضغوط الدولية والغربية المتزايدة بسبب الجرائم التي تُرتكب في اليمن، عادت سلطنة عُمان على خط الوساطة، في محاولة لتحريك مسار المفاوضات للبحث عن مخرج مناسب لدول العدوان، وعلى رأسها السعودية التي أصبحت الحرب بالنسبة لها (ورطة)، وشكلت عبئاً ثقيلاً على اقتصادها الذي يشهد تدهوراً لافتاً.
ومن خلال المعطيات على الأرض، فإن عجلة المفاوضات هذه المرة بعيدة عن الخلافات التي تركزت في السابق حول التفاصيل وأولوية الخطوات المطروحة بين السياسية والأمنية، لأن هامش المناورة هذه المرة لا يسمح بالتعثر، والسباق محموم بين المبعوث الأممي (شريم) والمبعوث اليماني (بركان).
أما على المستوى الأمريكي فالمتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، هيذر نويرت، صرحت بأن الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء تزايد العنف في اليمن، وتدعو جميع الأطراف المتنازعة للجلوس على طاولة المفاوضات.
وقالت نويرت، خلال المؤتمر الصحفي الدوري الذي تعقده في مبنى الوزارة في واشنطن: لا يوجد حل عسكري للنزاع، ويجب على جميع الأطراف المتنازعة الجلوس على طاولة المفاوضات لحل الأزمة اليمنية.
حتى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، طالب السعودية برفع الحصار كاملاً عن اليمن لإيصال المساعدات الإنسانية، مشدداً على أنه لا يوجد حل عسكري للنزاع. 
إلى جانب هذا الحراك، تتصاعد الدعوات في الدول الأوروبية لوقف تصدير الأسلحة للسعودية والإمارات، على خلفية تورطهما في انتهاكات وجرائم حرب في اليمن، حيث أعلنت النرويج قراراً بتعليق تراخيص تصدير الأسلحة والذخائر إلى الإمارات. 
وقالت وزارة الخارجية النرويجية إنه بعد تقييم شامل للوضع في اليمن والمخاطر المتزايدة المرتبطة بالتدخل العسكري الإماراتي هناك، اعتمدت الوزارة قراراً بتعليق التراخيص القائمة لتصدير الأسلحة والذخائر إلى الإمارات، مؤكدة أنه لن تصدر تراخيص أخرى جديدة في ظل الظروف الحالية. 
وجاء هذا القرار بعد مطالبة الحزب الاشتراكي اليساري النرويجي بوقف تصدير الأسلحة والذخائر إلى كل من السعودية والإمارات اللتين تقودان العدوان على اليمن، لكن الحزب قلّل على لسان الناطقة الرسمية باسم اللجنة الخارجية فيه، جينا برستاد، من أهمية خطوة أوسلو، معتبراً أنها جاءت متأخرة. 
كل هذه التحركات بتقديري ستسرع الحل السياسي، وستصب في مصلحة الشعب اليمني، مع وجود عقبة واحدة، هي التعاطي السعودي مع المفاوضات على أساس أنها يمنية يمنية، و(الجن والإنس) عارفين أن مرتزقة الرياض من حكومة الفنادق مجرد (أراجوزات) مسلوبي الإرادة والقرار، ومن المواقف التي ستمليها عليهم الرياض سيعرف العالم توجه السعودية وصدق نواياها في البحث عن مخرج.

أترك تعليقاً

التعليقات