الحصار والمجاعة
 

عبد الحافظ معجب

كثر الحديث خلال الشهرين الماضيين حول المجاعة والوضع الإنساني في اليمن، ولأن الخبث كان حاضراً وبقوة في هذا الملف، كان أغلب المتحدثين عن الأزمة الإنسانية يحصرون حديثهم عن مجاعة مديرية التحيتا بمحافظة الحديدة فقط، دون الالتفات الى المجاعة الحقيقية التي تضرب اليمن شمالاً وجنوباً.
بدأت القصة من تقارير (العربية) و(الجزيرة) قبل أيام قليلة من الاحتفال بذكرى ثورة الـ21 من سبتمبر بمحافظة الحديدة، حيث شنت هذه القنوات حملة إعلامية انطلقت بعد لحظات من إعلان احتضان الحديدة للفعالية الثورية، وكان الهدف حينها هو تأليب الرأي العام ضد ثورة سبتمبر وثوارها المحتفلين في المحافظة، وعندما فشلت الحملة في تحقيق هدفها عملت الماكينة الاعلامية للعدوان على استمرار الحملة وتوظيفها لخدمة العدوان، تماشياً مع المثل المعروف (يقتل القتيل ويمشي في جنازته).
والحقيقة التي لا يعرفها الكثير أن التحيتا التي عرفت قديماً باسم مدينة التمور والفل والنرجس، واشتهرت بميناء الفازة التاريخي الذي يرجع الى العصر البرونزي وعهود معين وسبأ، يقطنها ما يقارب 80 ألف نسمة، يعتمدون على الزراعة والصيد مصدراً رئيسيا للرزق، قبل أن تحرق مقاتلات التحالف أشجار النخيل، وتدمر موانئ الصيد، وتسيطر على جزيرتي حنيش الصغرى وزقر التابعتين للمديرية، وقتلت الصيادين في ميناء الحيمة، وحرمت المواطنين من مصادر رزقهم، وحاربتهم في لقمة عيشهم، وتركتهم يصارعون الجوع والمجاعة.
مش الحديدة ولا التحيتا فقط من يكتوي بنيران العدوان والحصار، والكل يعرف أن بلادنا تعاني ويلات الفقر والمجاعة منذ سقطت الدولة اليمنية ومؤسساتها بيد الإخوان، ففي 2012 وبعد تولي هادي السلطة، كانت الأمم المتحدة تقول إن مسح الأمن الغذائي يشير الى ارتفاع التدهور في الأمن الغذائي الى نسبة 86% مقارنة بالعام 2009، وأن ما لا يقل عن 10 ملايين يمني يعانون من الفقر الحاد، ونسبة 30% يحصلون على المواد الغذائية الأساسية من خلال الاستدانة.
وبحسب تصريحات أممية فإن الحديدة في 2013 كانت الأكثر تأثراً بسوء تغذية الأطفال والأمهات والمرضعات والحوامل، وقد تجاوزت مستوى الخطر العالمي بضعفين، واليونيسيف كانت هاذيك الأيام تقول إن اليمن ثاني أعلى بلد في معدلات سوء التغذية بعد أفغانستان، وانتبهوا هذه التصريحات قبل 3 سنوات، أما اليوم كيف بيكون حالنا في ظل العدوان والحصار المفروض علينا من قبل جيراننا الطيبين؟
المنظمة الدولية اليوم تفصل معاناتنا من خلال بياناتها الصحفية التي تقول إن 13 مليون شخص لا يجدون ما يكفيهم من الغذاء الذي يبقيهم على قيد الحياة، وبتخلٍّ واضح عن كل القيم الإنسانية تصر الأمم المتحدة على التخندق مع القاتل، وبيع الوهم للإنسان اليمني.

أترك تعليقاً

التعليقات