محمد ناجي أحمد

محمد ناجي أحمد / لا ميديا

ما يطرحه عبد الله أحمد علي في خطبه وتسجيلاته لا يخرج عن مسار الإخوان المسلمين، فمن عباءتهم تصدر أفكاره وخطبه.
هو تلميذ نجيب لمدرسة حسن البنا، ولم يخرج عن البناء التنظيمي للإخوان المسلمين إلاَّ رأى أن المناورات السياسية العملية للتجمع اليمني للإصلاح كادت تفسد البناء العقائدي لجماعة الإخوان، فالتجمع تحالف قوى يأتي من بين هذه القوى المكونة له جماعة الإخوان المسلمين في اليمن. فعبد الله أحمد علي هو التعبير الأكثر وضوحاً ونقاوة في فكر الإخوان المسلمين، وهو الفكر الذي تناسل من ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب، ومن كتاب جمال الدين الأفغاني (الرد على الدهرية) وكتاب الفكر الإسلامي لمحمد إقبال، ونظرية الإسلام السياسية لأبو الأعلى المودودي، وكتاب (الخلافة أو الإمامة العظمى) لمحمد رشيد رضا. حيث تتبلور أفكارهم في أن الإسلام دين ودولة، وأن الإسلام وطن وجنسية، وأن الإسلام هو دين الله ودولته على الأرض.
بهذا يكون عبد الله أحمد علي العديني بكل سذاجته وصراحته، هو التكرار لمحاضرات وخطب الزنداني والديلمي، في موقفه من الدولة (المدنية) ومن القوميين والاشتراكيين وأهداف ثورة 26 سبتمبر، وكل ما خرج من عباءتها.
الرجل كان صريحاً وواضحاً ومعبراً عن باطن وظاهر جماعة الإخوان. فلقد وقفوا طيلة حرب الـ8 سنوات (1962-1970) طابوراً خامساً للإرجاف وتوزيع المنشورات المثبطة لعزيمة السبتمبريين، لا ليعود النظام المتوكلي لحكم اليمن، وإنما ليسقطوا النظام السبتمبري خدمة للكيان السعودي، وذراعاً وهابية لاغتيال العقل والوطن.
ولأن موقف الأستاذ عبده محمد المخلافي، مؤسس حركة الإخوان المسلمين كتنظيم في اليمن، كان يشوبه وطنية وعروبية استقاها من أستاذه قاسم غالب وزير التربية والتعليم، والذي كان ناصرياً بقوميته، إسلامياً بتدينه، ولأن موقف عبده محمد المخلافي في الاستقلال بحركة الإخوان في اليمن عن السعودية، وميله ومواقفه مع المقاومة الشعبية في حصار السبعين يوماً.

 فقد كان تدبير اغتياله بحادث انقلاب السيارة التي كانت تقله، وذلك في نقيل سمارة عام 1969م، كي تبقى الساحة خالية من أي توجه ينادي بالسيادة والاستقلال، يسارياً أو يمينياً.
لقد صدق العديني حين قال بأن من معطف 26 سبتمبر جاء بالسلال والإرياني والحمدي والغشمي وصالح وأنصار الله.
بل ومن سبتمبر كانت الجبهة القومية، وثورة 14 أكتوبر 1963-1967م. ولقد سبق أن قلت ذلك في بداية دخول أنصار الله إلى صنعاء في حركة 21 سبتمبر 2014م، في سياق ردي على بعض الكتابات التي تصف حركة أنصار الله بأنها ملكية، فقلت بأنها حركة تنتمي لـ26 سبتمبر، جاءت ضمن شروطها وأهدافها، شاءت ذلك أم أبت. وتحقيق أهداف سبتمبر، وعلى رأسها إقامة النظام الجمهوري العادل، هو اختبار صمودها واستمرارها. قلت ذلك قبل أن يردده في سياق عدائي وسلبي كل من سام الغباري وعبد الله أحمد علي.
ليس صحيحاً أن العديني يسير على (منهج الزبيري لإصلاح الحكم والشعب)، وهو المنهاج الذي طبعه عبد الملك الطيب عام 1974م، وأضاف له تعديلات نسبها للزبيري، لكن المنهج بعمومياته يتفق مع أطروحات ومقالات وكتب الزبيري، خلال الخمسينيات وحتى 1965م عام استشهاده في برط. ليوارى الثرى وما ينادي به، وليتحول قائد زمام بغلته عبد المجيد الزنداني إلى قائد لحركة الإخوان بعد اغتيال عبده محمد المخلافي ووهبنة الحركة في اليمن.
في 1964م كان الزبيري قد سلم لعبد الملك الطيب هذا المنهج للطبع، وحسب زعم الطيب، أنه منحه حق التعديل والإضافة (كنت قد أعددت هذا المنهج للطبع بعد التعديل والإضافة بالأسلوب الذي أراد الزبيري) [منهج الزبيري لإصلاح الحكم والشعب، ص 11].
يبدأ منهج الزبيري للإصلاح في هذا الكتيب بإيجاد طريقة للجمع بين العقيدة الإسلامية والأيديولوجيا في الجمهورية العربية المتحدة؛ أي طريقة تجمع منهج الإصلاح لدى الزبيري بميثاق جمال عبد الناصر، الذي صدر عام 1962م، والذي اتخذ من الاشتراكية طريقاً للنهوض والتحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وهو منظور لا يلتقي مع أفكار عبد الله أحمد علي ومزاعمه عن نهج مغاير للزبيري!
ينطلق منهج الزبيري من الربط بين تعاليم الإسلام وبين (مقتضيات الثورة التقدمية وتفاصيل الخطى الحضارية) حتى (تتوفر لبرامج نهضتنا الثائرة الهائلة مساهمة الطاقات العظمى للملايين البشرية اليمنية، نابعة من حوافز الذات ودوافع العقيدة وطمأنينة الاقتناع وهيمنة الرقابة الجماعية) [ص28].
يؤمن منهج الزبيري في هذا الكتيب بمبدأ التنظيم الجماهيري الواحد، سيراً على مبدأ ونهج التنظيم السياسي الواحد في مصر (الاتحاد الاشتراكي).
ويرى الزبيري أن التنظيم الشعبي يجب أن (ينبع من الأعماق الشعبية التي تكمن فيها أسرار طاقاتنا وخصائص شعبنا، وهي الجديرة بأن تمنحنا القوة وتلهمنا الفكرة وتدفعنا إلى النمو والتكاثر والتقدم) [ص34].
أي تنظيم شعبي ينطلق من الحارة في المدينة والقرية خارج المدينة، صعوداً إلى المركز فالناحية فالقضاء فاللواء فالعاصمة.
تتضمن خطب وتسجيلات عبد الله أحمد علي العديني شحناً طائفياً وعداءً عرقياً ومذهبياً، وهو الخطاب الذي ترعاه السعودية، وتوجهه لتصل من خلاله إلى النتيجة الحتمية من ذلك، وهي الحماس للكيان الصهيوني كخاتمة طبيعية وحصاد لهذا الخطاب.

أترك تعليقاً

التعليقات