الحرب الناعمة (2)
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا

ثقتنا كبيرة بشعبنا وبقدراته الهائلة على الإمساك بالزمن الصعب، والخروج من المنعطف الصعب، في زمن هو الصعب بعينه، واجتراح الإعجاز في إدارة المعارك والأحداث، وضبط الأمن والاستقرار بآلية تدعو للاندهاش، وامتلاك أكبر قدر من القوة بجهده الخاص، وبإيمان خاص وباندفاع خاص يقود معاركه، وينتقل من نصر إلى انتصارات، برغم النكبات المأساوية والمعاناة القاسية، وتحمل ما لا يتحمله أي إنسان آخر في هذا الكون الممتد والملقح بالقسوة والظلم والانحياز للعدوان.
أوصلنا العدوان بإمكانياته المؤهلة، وتقنياته المتطورة والحديثة، وتحالفاته المتعددة، وتكالب قوى الشر في الداخل ومرتزقة العالم، الى الطريق المسدود، الى الاختناق في المجالات العسكرية والاقتصادية، الى الخيارات الصعبة جداً، والمحدودة جداً، وما أقساها! لكن ذلك كان لمصلحتنا، حيث دفعنا للإيمان بقدراتنا وإمكاناتنا، والسير في طريق خلق البدائل الوطنية عسكرياً واقتصادياً.
شعبنا يدرك أن المرحلة هي الأخطر والأكثر تعقيداً، بسبب ما تقتضيه من تعدد في أساليب المواجهة، وأن صراع الإرادات، ومعه حلم الوحدة الداخلية، يحتاجان إلى طاقة مشحونة بالتجانس الإرادي والخطوط الأساسية للثوابت الوطنية. هناك اعتداء خارجي وعدو تاريخي، ولا بد أن نقف جميعاً كتلة متراصة ضده في موقف لا يحتمل الجدل، ولا يحتمل الصراعات خارج الهدف الاستراتيجي في مواجهة العدوان وتخليص البلد من الهيمنة والوصاية الخارجية، وكان علينا أن نخلق اللحظة الثورية للإمساك بمصيرنا قبل فوات الأوان.  
لم يستوعب العدوان البائس، وبعد 3 أعوام من التجويع والتشريد وتدمير المنشآت الاقتصادية والخدمية، والضغوط السياسية والإعلامية من أجل خلق اليأس في نفوسنا ورفع الراية البيضاء والاستسلام، لم يدرك تحالف العدوان حتى الآن أن شعبنا أصلب عوداً في مواجهة الصعوبات، ومن المستحيل أن يعرف اليأس طريقاً إلى نفوسنا، لأن اليأس ينتاب ضعاف النفوس والإرادات الهزيلة. إرادتنا صممت للصمود والبقاء (ولا شيء يكسرنا)، وهي أقوى من عواصفهم وغدرهم وخياناتهم، نستمد قوتنا وإرادتنا وعزيمتنا من مخزوننا الحضاري الاجتماعي والسياسي وسنوات المعاناة والاضطهاد، ومن انتمائنا الصادق لوطننا، ومصداقيتنا وإخلاصنا لقضيتنا المقدسة. طاقتنا تتجدد، ونصيبها هائل من الوعي والإدراك العميق، ولا يهمها أسلحة متطورة وتقنيات حديثة، ولا تخاف تحالفات وتوازنات قوى، ولا ترضى بالهزيمة، طال وقت العدوان أو قصر. حربنا مشروعة ومبررة، ومطالبنا محقة، وثقتنا قوية بعزيمة وصمود شعبنا المناضل وإرادته التي لا تقهر في الخروج من كل الأزمات والمصاعب، لإدراكه أن معركته ضد عدوه هي معركة إرادات، وليست قتالاً فحسب، حرب وجود في هذا الزمن الرديء والسيئ، زمن التهافت المجاني، والارتماء في أحضان العدوان دون شروط أو بأي شروط.
اليمن ليست سهلة، وليست ضعيفة للاستفراد بها ويسهل ابتلاعها وهضمها. لحمنا مر، ولا يستطيع أحد في هذا الكون مهما كانت قوته وجبروته، أن يفرض علينا شروطه المذلة. نريد كل الأرض، كل السيادة. موقفنا وشروطنا معروفة، وملتزمون بثوابتها، ولن يستطيع هذا التحالف الهش والرخو والمليء (بالثقوب) السياسية والأخلاقية والتناقضات والضعف، والساقط تحت الهيمنة الأمريكية، والذي يمارس التضليل والخداع وغسل الدماغ العربي والعالمي في محاولته المستمرة مسح جرائمه وتلميع وجهه وغسل يده الملطخة بدماء الأبرياء من المدنيين، وستر أفعاله القذرة، لن يستطيع أن يخدعنا بافتعال السلام الكاذب. دوافعه الخبيثة معروفة، وخياراتنا أيضاً معروفة، ومستحيل أن يستهدف إرادتنا وصمودنا وعزيمتنا.    

أترك تعليقاً

التعليقات