السلام.. وشهادة الزور
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا

المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن (مارتن غريفتث)، ومنذ تسلمه مهامه وحتى اللحظة، لم يقدم أية فكرة أو اقتراح إيجابي يدفع بعملية السلام خطوات إلى الأمام، أو محاولة إيجاد حلول مناسبة باتجاه سلام عادل يشمل كل ربوع يمن الثورة. وحتى اللحظة لا يزال المبعوث الأممي الجديد يراوح مكانه دون حلول أو مناقشات جدية تشكل أساساً لعملية السلام المستندة إلى (الشرعية الدولية) إذا كان هناك أصلاً شرعية دولية.
شعب يُقتل، يُدمر، ويُسحق بشكل يومي، ويُقصف على مدار الساعة، والمبعوث الأممي في حالة استجمام تام يضرب أخماساً في أسداس، ولا يزال يبحث عن وسائل غير شرعية من أجل الالتفاف على عملية السلام كلها وإجهاضها، والبحث عن وسيلة حميدة ومقبولة يمكن استيعابها، وأكثر عقلانية لشهادة الزور، من شاهد الزور المبعوث الأممي السابق ولد الشيخ الذي كان أكثر ابتذالاً ووقاحة بوسائله الدنيئة في الاختراقات لعملية السلام الحقيقية والعادلة، والانحياز والارتماء في أحضان تحالف العدوان، وفرض سلامه الخاص؛ السلام المغلف بالدفع المسبق، والذي يبتلع الأرض والحقوق معاً، مما ساعد على تأمين استمرار العدوان، ومارس ضغوطاً هائلة في المحافل الدولية تحت يافطة ما يسميه السلام، وهو ليس سلاماً، بل فرض ما تريده أمريكا ودول العفونة (السعودية والإمارات)، ذلك السلام وبلا شك هو نوع من الإملاء الذي نأباه ونرفضه تماماً، لأن في طياته كثيراً من المظالم والشرور.
العدوان لا يزال مستمراً حتى اللحظة، والمبعوث الأممي الجديد يتشبث بسياسة الإملاء، ويجاهر بها، ويطرحها بصراحة على كافة المستويات، على أساس أنها السلام المنشود، وأي قبول بذلك السلام هو انتحار سياسي وخيانة عظمى. هناك إجماع واعتراف بأن عملية السلام الجارية تعاني من خلل في أساسها وإطارها، وفي خطواتها، والحاجة ملحة للتقويم، والتقويم ليس إصلاح ما أفسده المبعوث الأممي السابق ولد الشيخ، وإنما تقويم المنظومة الأممية كاملة، وتطهير الهيئات الأممية من الفساد، وأن تتوجه جميع الأطراف المعنية بالصراع الدائر إلى الاحتكام والالتزام بالشرعية الدولية، خاصة أمريكا ودول العفونة والتخلف (السعودية والإمارات). ولن يتحقق السلام في اليمن إلا بوقف العدوان، والقصف، والدمار، والحصار الخانق، وعدم التدخل في الشأن اليمني، والاعتراف الكامل بحق اليمن في استقلاله وتقرير مصيره دون وصاية السعودية التي تريد أن يكون لها اليد العليا في الشأن اليمني. 
ما شهدته اليمن خلال السنوات العجاف الماضية ولا تزال، هو عدوان خارجي، وليس صراعاً داخلياً وحرباً أهلية، عدوان همجي وإبادة جماعية بترسانة هائلة من الأسلحة المتطورة والتقنيات الحديثة، ضد مواطنين عزل، وقتلهم وتدمير أملاكهم ومدنهم وقراهم، عدوان يكشف عن وجهه القبيح، عن مخطط أمريكي – صهيوني لا يحتمل أي لبس أو تأويل، مخطط يرمي إلى تثبيت المشروع الاستعماري الأمريكي في المنطقة، ويحتاج المرء إلى قدر كبير من السذاجة كي يصدق أن هذا العدوان البربري، والدمار الهائل، والنكبات الإنسانية، والقصف اليومي المتواصل، والقتل الممنهج، والحصار الخانق، وطمس وجود ومعالم شعب بأكمله، الهدف منه إنقاذ اليمن ومصلحته وسعادة شعبه، وأن العدوان على الشعب اليمني بسبب العلاقة والغزو الإيراني حسب المزاعم والترويج الإعلامي، وحماية المنطقة من ذلك الغزو. هناك غزو أمريكي حقيقي وواقعي واضح الملامح لتثبيت الإمبراطورية الأمريكية ومصالح شركاتها النفطية العملاقة في المنطقة. 
ومن حقنا إذن أن نتحفظ على التسمية الجارية بأنها عملية سلام، ولا بد أن نفرق بين عملية تصعيد التوتر وافتعال الأزمات، وبين عملية الوصول إلى سلام حقيقي وعادل.

أترك تعليقاً

التعليقات