جميلات (الحدث)وفشل التضليل
 

عبد الحافظ معجب

انتهجت قناة (الحدث) السعودية منذ انطلاقتها سياسة معينة في اختيار الحسناوات لتقديم النشرات والبرامج الإخبارية، لاعتقادها أن المشاهد العربي يبحث عما يروي عطشه وحرمانه الجنسي، ولأن القناة والقائمين عليها يعلمون جيداً أن شاشتهم لا علاقة لها بالمهنية، تم استقطاب عشرات الجميلات من لبنان وسوريا والمغرب ومصر والأردن، لتقديم وجبات من الإغراء يتم من خلالها تلقين المتلقي كماً هائلاً من الأخبار بالشوكة والملعقة، لقصف أدمغة المشاهدين بالتضليل الإعلامي والتزوير الفاضح والمغالطات المكشوفة، غير أن دهاء المشاهد أكبر من هذه السياسة، وأدرك سريعاً من أين يستقي أخباره ومعلوماته، وتعامل مع قناة (الحدث) باعتبارها شاشة (تعرٍّ) مثلها مثل آلاف القنوات الإباحية، ولكن بشكل أخف نوعاً ما.
أمام قنواتنا الوطنية ومذيعيها الشعث الغبر، يصطف المشاهد السعودي والخليجي قبل اليمني لاستقاء الأخبار الصادقة والمعززة بالمشاهد الحية التي يقدمها الإعلام الحربي لحظة بلحظة، لمعرفة ما يدور، ولتفنيد كل الأكاذيب التي تزعجنا بها (الحدث) وحسناواتها. وعلى الرغم من المحاولات المتكررة للعدوان بإسكات القنوات الوطنية وإيقاف بثها من خلال دفع مبالغ طائلة للشركات الناقلة للبث، إلا أن صوت الحق صمد كصمود هذا الشعب العظيم، واستطاع أن يكسر كل المحاولات ليبقى في الصدارة يوضح ويفند ويقدم للمتلقي كل ما يريد أن يعرفه بمصداقية ومهنية عالية برغم شحة الإمكانات والظروف الصعبة التي تحيط به من كل جانب.
وفي الطرف الآخر، الذي توفرت له كل الإمكانيات في ظل امتلاكه أسطولاً إعلامياً كبيراً، إلا أن هذا الإعلام توهم أنه (سائق عقول وأدمغة) أثناء تناوله ما يدور في اليمن، غير أن الواقع أثبت فشله الذريع بصفته الحقيقية (سائق غبي) يفتقر الى الطريقة المُقنعة، فضلاً عن اعتقاده أنه لا يوجد إعلام آخر، وبهذا نجح إعلام العدوان في تضليل نفسه.
ومع تطور التكنولوجيا ووجود الوسائط المتعددة، أصبح بإمكان المواطن البسيط نشر صورة واحدة على (فيسبوك) أو مقطعاً مصوراً على (يوتيوب)، ليكشف الكذب والتضليل الذي تقدمه عشرات المذيعات الجميلات على قناة (الحدث)، وبهذا يكون قد نسف الآلاف من الدولارات التي تدفها المملكة كميزانية يومية لتأليف كذبة تذهب أدراج الرياح أمام صورة حقيقية تلتقطها كاميرا (جوال) من مكان الحدث.
قناة (الحدث) التي هي محور حديثنا هنا، ومن خلال الرصد اليومي لما تقدمه في الملف اليمني، عملت خلال الشهر الأول من انطلاق العدوان، على تأليف القصص المكذوبة، وقتلت (إعلامياً) كافة القيادات العسكرية والسياسية والوطنية، وعندما (شافت) أن البلاد كلها بتنتهي (إعلامياً)، وبالحقيقة (ما بوش من الخبر خبر)، لجأت الى طرق أخرى من التضليل، واستمرت عليها باعتبارها الخيار الوحيد لجهة إعلامية مطلوب منها تحقيق ما عجز عن تحقيقه أسطول حربي كبير مدجج بالطائرات والبوارج والجنود والمرتزقة وأنواع الأسلحة.
أبرز أنواع التضليل المستخدمة حالياً، الانتقائية المتجزئة من خلال انتقاء بعض الكلمات والاقتباسات وتجاهل الأخرى، واستخدام المعلومات التي لا علاقة لها بالواقع على حساب الحقائق والمعطيات المتوفرة.
وأيضاً إهمال خلفية الأحداث وتقديمها مشوهة وناقصة، واستخدام مفردات معينة تضع المتلقي أمام إصدار أحكام بالإدانة على المواقف والأشخاص، ولفت الأنظار عن القضية الأصلية، بتنظيم حملات مكثفة على قضايا أخرى لتشتيت الانتباه والتفكيك والتجزيء بحصر النقاش في جزئيات بعينها، والابتعاد عن الإطار الطبيعي والصورة الكاملة.
ومن أخطر أنواع التضليل الذي تمارسه (الحدث) وأخواتها، تشويش أذهان المتابعين وخلط المفاهيم حتى يختلط الحابل بالنابل، ويصعب الفصل بينهما، وكذلك تكرار الفكرة الخاطئة وترسيخها في ذهن المتلقي لتعزيز السلوك المشوه بطريقة متواصلة تصل الى أدمغة الجمهور.

أترك تعليقاً

التعليقات