شُبَّابَة
 

عبده سعيد قاسم

ستظل تعز أكبر وأعظم من ان تختزل باسم أبو العباس، وعدنان رزيق، وكتائب حسم ولواء المفصعين وكاسري الأقفال، وقتل الأسرى، وسحل الجثث وصلبها، ستظل تعز هي معشوقتنا جميعاً. تعز التي لم تسأل الفنانين علي الآنسي وعلي عبدالله السمة، وغيرهما من المبدعين: أنتم من أية منطقة ومن أية طائفة أو من أية قرية؟ ولكنها استقبلتهم وغنت معهم، غنت مع الآنسي (أنستنا يا عيد)، وغنت مع السمة (شاهيم طول الليالي)، وألهمت عباس الديلمي قصيدة (نجوم الليل بتسألني)، وكتبت مع الأستاذ أحمد الجرموزي أجمل الروايات.
تعز أفق الوطن ومداه المشرق بشمس الثقافة وأنوار المعرفة، وغيمته الماطرة بالفن والشعر والأغاني، وليس بوسع أحد أن يختزلها باسمه أو بمشروعه المناطقي الضيق، وليس باستطاعة أحد أن يُلحقها بركب السعودية وبقية الغزاة ونخاسي الدماء والأوطان، ولا يمكن لأحد أن يجعلها تستكين له ولمراميه بالقوة.
ستعود تعز المختطفة لدى من يشعلون الحروب والفتن، ويختلقون صراعاً طائفياً لامبرر له ولا معنى ولا وجود له أصلاً في التكوين الاجتماعي اليمني.. ستعود تعز لتغتسل بضوء المدنية المتدفق من قصائد الفضول وألحان وصوت العبقري العظيم الفنان أيوب طارش؛ وعبدالباسط عبسي؛ وموال فلاحة تجز الحشائش في وادي رسيان، وتحصد سنابل الذرة وثمار الجوافة في وادي نخلة في أقاصي شرعب. 
ستعود معشوقتنا تعز من هذه الفوضى، مشقرة بالطل الهامي من دوالي صبر الشامخ الأشم، وتمسح عن جبينها غبار التعب بمنديل من نسيج التلاميذ الصغار وهم ينشدون أناشيد الصباحات المدرسية. 
تعز لا تفرز أبناءها بمقياس العنف، ولا بقوائم العار التي يصدرها من يجهلون طبيعتها وتاريخها المدني الجميل. ستعود لتستقبل كل القادمين إليها من جهاتها الأربع، دون فرز طائفي أو مناطقي.
ستعود بكامل هويتها اليمنية الإنسانية المدنية، التي تحتكم للقانون ولقيم المعرفة.

أترك تعليقاً

التعليقات

Honey
  • الأربعاء , 25 يـنـاير , 2017 الساعة 7:27:23 AM

I found just what I was needed, and it was entertaining!