عبد الإله محمد حجر

في اليوم الثاني للمشاورات أشاد المبعوث الأممي بالمبادرة التي اتخذها الوفد الوطني القادم من صنعاء؛ بتسهيل دخول عدد كبير من شاحنات الأمم المتحدة المحملة بالمواد الغذائية إلى تعز، وظل عبدالملك المخلافي على موقفه بتكرار نكرانه وصول أية شاحنات حتى اليوم الثالث.. عندما صرح يوهانز المنسق المقيم للشؤون الإنسانية، أن مكتبه في اليمن أكد وصول المواد الغذائية، وحدد أماكن دخولها وتخزينها، وعلل سبب عدم توزيعها بتدخل الجماعات المسلحة. وطلب المجتمعون من اللجنة المصغرة استكمال أعمالها.
وفي تغير لافت للنظر، وبما يشبه القفز على ما كان قد تم التوافق حوله؛ تقدم المبعوث الأممي وبعض من فريقه في الجلسة العامة بشرح خارطة طريق لتنظيم وتسهيل الانتقال من العمليات العسكرية إلى المسار السياسي السلمي، وتعتمد على خطوات لبناء الثقة تبدأ بالانسحاب وتسليم الأسلحة والإفراج عن المعتقلين وتسليم مؤسسات الدولة واستعادة المسار السياسي.
وأجاب محمد عبدالسلام عن الوفد الوطني القادم من صنعاء، بأن الأولوية في الخطوات المتعلقة ببناء الثقة تتركز في تثبيت وقف إطلاق النار ورفع الحصار عن الشعب اليمني، وأشار إلى أن مسألة تسليم السلاح من قبل أنصار الله بحسب الإجراءات المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن 2216، يجب أن تتم في ظل حكومة وطنية من الطرفين تشرف على كل الخطوات، وبما لا يمكن القاعدة وداعش من التوسع في اليمن، وغير ذلك يعني تمكين الإرهابيين من ذبح المقاتلين من اللجان الشعبية والجيش، أما مسألة المعتقلين فيجب أن تتم في إطار تبادل المعلومات عن الأسرى من كلا الجانبين، ثم يكون الإفراج التدريجي في ظل وقف كامل وشامل لإطلاق النار، وطالب الطرف الآخر بعدم تسليم أسرى اللجان الشعبية والجيش لدى التحالف الى القاعدة كما حدث في الأيام الماضية، والذين قتلوا وذبحوا بطريقة بشعة، وأعلن محمد عبد السلام عن مبادرة لإطلاق سراح 70٪ من الأسرى المحتجزين في اليمن.
وفي اليوم الثالث للمفاوضات، وفي محاولة من المبعوث الأممي لصرف الأنظار عما تقدم به الوفد الوطني القادم من صنعاء من مقترحات عملية، تولى هو وخبير الأمم المتحدة أديب نعمة (وبأسلوب تدريبي أقرب إلى دورة تنمية الموارد البشرية، وهو تخصص المبعوث) توليا شرح خارطة تتضمن الإطار العام للانتقال من العمليات العسكرية إلى المسار السياسي، والتي تعتمد على تشكيل لجان أمنية تشرف على تسليم الأسلحة والانسحاب واستعادة مؤسسات الدولة، وانتهى اليوم بشكل كامل، دون مداخلات، وفي أجواء باردة لم يكن أحد يعلم أنها تحضير لتصعيد عسكري كبير من قبل دول التحالف صباح يوم الجمعة 18 ديسمبر؛ تمثل في زحف بري في حرض والجوف وقصف بري وبحري في مأرب واللحية، وقد بادر المبعوث بدعوة الوفد الوطني فقط لاجتماع صباح اليوم الرابع، وحاول تهدئة الأوضاع، وحث الوفد على استئناف المفاوضات، معرباً عن استنكاره والأمين العام للأمم المتحدة لأعمال الخرق والانتهاكات، واعتبرها كارثية وتمثل عدواناً وحرباً، واقترح اجتماعاً لرئيسي الوفدين ونائبيهما لإيجاد مخرج مشرف وإنقاذ المحادثات من الفشل، في حين عبر أعضاء الوفد الوطني عن أن التصرف السعودي ليس خرقاً لوقف إطلاق النار، بل هو حرب شاملة تم الإعداد لها منذ أشهر، وأن ذلك يمثل انقلاباً على الأمم المتحدة، وأن الحوار مع الطرف الآخر غير مجدٍ، لأن قرار وقف إطلاق النار ليس بأيديهم.
وكرر المبعوث انزعاجه والأمين العام من الخروقات الخطيرة، وأنه تم التواصل مع كل من السعودية والإمارات، ووافقوا على وقف إطلاق النار. وبعد محاولات حثيثة اجتمع الوفدان، وأقرا تشكيل لجنة عسكرية للتهدئة والتنسيق تتكون من 3 ضباط من الطرفين مع ضابط من الأمم المتحدة، تكون مهمتها مراقبة وتثبيت وقف إطلاق النار خلال 2-3 أشهر، ويكون مقرها في إحدى الدول العربية. وشدد الوفد الوطني على ضرورة صدور قرار من مجلس الأمن بوقف إطلاق النار.. وكان اليوم الخامس هو اليوم الأخير على المباحثات، حيث اقترح المبعوث الأممي في جلسة عامة تأجيل الاجتماع إلى 14 يناير 2016، وأشار إلى أن جولة محادثات السلام حققت تقدماً ملحوظاً رغم الأزمة الكبيرة الناجمة عن الاستمرار في الحرب (لم يذكر السعودية).
وأشار إلى أن التقاء طرفي النزاع على طاولة واحدة يمثل إنجازاً تم من خلاله الاتفاق على خطوات عملية لتخفيف المعاناة الإنسانية للشعب اليمني قاطبة (عملياً لم يتم إصدار بيان النوايا الإنسانية بسبب اعتراض وفد الرياض)، وإقرار تدابير لتبادل المعلومات حول السجناء والأسرى تمهيداً للإفراج عنهم عند تثبيت إطلاق النار، كما تم إنشاء لجنة عسكرية للتهدئة والتنسيق لتحقيق وقف دائم وشامل لإطلاق النار.
وبدا واضحاً من خلال بيان المبعوث أنه أنقذ موقفه من حيث فشله والأمم المتحدة في تنفيذ الهدنة المتفق عليها، وأنه أنقذ الوفد اليمني القادم من الرياض من فضيحتين؛ أولاهما عدم موافقته على البيان الإنساني، والثانية عدم توفر القدرة لديه على إيقاف إطلاق النار، فضلاً عن تلبية مقترح تبادل 70٪ من الأسرى من الطرفين.

* عضو الوفد الوطني لمفاوضات السلام اليمنية

أترك تعليقاً

التعليقات