القضية اليمنية مسؤولية اليمنيين وحدهم
 

زياد السالمي

زياد السالمي / لا ميديا

يعد كل سلوك يقوم به العدوان تجاه اليمن في إطار العدوانية الممنهجة التي تنفذها دول العدوان باستنزاف وإرهاق وإبادة كل ما يمت إلى الحياة بصلة، ومنها الورقة الاقتصادية والتلاعب بسعر الصرف. مع ذلك، ورغم إدراك اليمنيين لهذه العدوانية البشعة، يظل السؤال موجهاً للمرتزقة والعملاء: إلى متى ستستمرون في غيكم وأنتم في كل الأحوال دُمى بيد العدوان حال إكمال العدو السعو إماراتي عدوانه سيرمي بكم مثل الكلاب؟! يقال إن تجريب المجرب خطأ مرتين، ما بالك بالوغول فيه والتعايش معه واتباعه؟! فذلك ليس خطأ فقط، بل عدمية مفرطة. 
لقد اتخذ العدوان كل الأساليب والانتهاكات القذرة تجاهنا وما نزال نتماسك، مع صمت أممي هو الآخر يتواطأ إن لم يكن شريكاً في تلك الانتهاكات، الحال الذي يجعلنا نفتش ونبحث عن أي توصيف أو مرجعية تجيز مثل تلك الانتهاكات العدوانية والصمت والتواطؤ الأممي، فتأتي النتيجة: لا مبرر ولا مخرج قد يخفف الغضب الإنساني لدى الإنسان اليمني. 
بعد 4 أعوام من العدوان السعو إماراتي ومن الصبر والثبات الوطني، لنا القول إن الإنسانية وهم يُستغل ويشاع بغرض خدمة أطماع استعمارية لا غير، فالقانون الجنائي الدولي والمواثيق الدولية والبروتوكولات وميثاق الأمم المتحدة كدستور إنساني دولي واجب الاتباع من الدول يعتبر كل ذلك عدوانا وممارسة غير طبيعية توجب اتخاذ القوة ضد دول العدوان، وهو ما يعلمه مجلس الأمن كما تعلمه الأمم المتحدة، لكنهما يؤكدان ويثبتان من خلال هذا الصمت الحقير تجاه مظلومية الشعب اليمني أن لهما يداً في ذلك، فالحصار المفروض وتداعياته الاقتصادية خلال أربع سنوات وفق تعريف جريمة العدوان وأركانها هي جريمة عدوان، وكذلك الإبادة الجماعية وغيرها من الانتهاكات كافة تصب في بوتقة العدوان. 
هنا وفي ظل استمرار الصمت العالمي تجاه القضية اليمنية ومأساة الشعب اليمني وحرب الإبادة التي تمارس ضده من عدوان غاشم وظالم وحصاره براً وبحراً وجواً، ينبغي على الشعب بكافة أطيافه تحمل مسؤوليته التاريخية والوجودية حيال التواطؤ العالمي وتآمره في إغراق وإنهاك مجتمعنا. 
فكوليرا تتفشى، وحصار مطبق، وانقطاع في الموارد، واستنزاف المخزون البشري والطبيعي، وحرب إبادة، واستخدام أسلحة بيولوجية محرم استخدامها ومُجرمة دولياً، والتلاعب بسعر الصرف... كل ذلك يستوجب من الجميع بدون استثناء العودة إلى جادة الوطن وحضنه، وتغليب مصلحة الوطن بما يكفل حماية ما تبقى واستعادة سيادة اليمن على كافة أراضيه براً وبحراً وجواً.
على القوى التي انخرطت ومارست العمالة أن تصحو وتثبت أن دماءها يمنية لم تتلوث. عليها أن تضع الوطن نصب أعينها وتعرف حقيقة وأبعاد استمرارها في تبرير الغزو واحتلال الأرض، قبل ألا ينفع الندم، وقبل أن تصبح العودة مستحيلة. 
بالمقابل على القوى الوطنية مراعاة ذلك وتأكيد قرار العفو. عليها أن تطمئن القوى الضالة بصدق القرار وسعة الصدر والمسامحة، حفاظاً على ما تبقى من الوطن وعرى تماسكه الذي حاول العدو تمزيقه. ينبغي على الجميع الوقوف بجدية، والجلوس على طاولة حوار يقوم وفق بنى المجتمع وبما يؤمن المساواة للجميع ويحمي الجميع من الإقصاء أو الإرهاق وتكليفه ما لا يطيق معيشياً. 
اليمن لم تعد تقوى على الاستمرار في هذا الوضع غير المسؤول. من أراد أن يحكم فليثبت ذلك بالأفعال ويستميل قلب الشعب من خلال توفير حياة أكثر رفاهية، لا الاستعانة بالخارج والاستقواء عليه. 
إن الحقيقة التي نجهلها هي أن كل شيء فانٍ ولا خير فيه إلا من أمر بمعروف وسعى للإصلاح بين الناس، فما أحوجنا إلى التماس الحل من كتاب الله الذي قال جل وعلا في سورة النساء: «لا خير في كثيرٍ من نجواهم إلا من أمر بصدقةٍ أو معروفٍ أو إصلاحٍ بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نعطيه أجراً عظيما * ومن يشاقق الرسول من بعدما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا» صدق الله العظيم. 
فماذا بعد ذلك؟! ولماذا هذا الإصرار على إرهاق الشعب بالفجور في الخصومة والبغضاء، متجاهلين حينها أن الله بيده ملكوت كل شيء وهو القاهر فوق عباده؟! 
علينا أن نستشعر مسؤوليتنا التاريخية والوجودية والدينية والإنسانية، فلن يصل الناس إلى حل حال تمسك كل بمطالبه ونفي مطالب الآخر، وحال عدم التنازل عن بعض الجزئيات البسيطة التي يتمسك بها، فقليل من الحلم والإخلاص وإذكاء الضمير الوطني سيجد نفسه قد تآلف مع أخيه وتفاهما على حل أنسب بين الطرفين وفق مبدأ لا ضرر ولا ضرار. 
إنها دعوة جادة تدعو الفرقاء إلى تحكيم العقل والدين والوطن وتغليبها على الأهواء، فلا معنى لحياة تقوم بعد ذلك على الحقد والثأر، ولا انتصار يقوم على تذكيرك بفقدان أعزاء على القلب، ولا افتخار بوجود كوارث بيئية وأمراض متفشية كان الخصام والتواطؤ مع العدوان مناخاً مناسباً لتفشيها... اكتفوا بهذا الحد وضعوا أنفسكم مقام الأمهات الثكالى والآباء المكلومين والأسر المشردة والفقيرة والمعدمة، فماذا سيكون جوابكم؟! واتقوا الله فقد بلغ الوضع مبلغاً لا يحتمل الاستمرار على العناد، واجعلوا ذكاءكم وقوتكم محصورين بالتعايش والتنازلات من أجل أن ينعم الجميع بلا استثناء بحياة تليق في الألفية الثالثة. 
أعلم أن مثل هذا الكلام لو تم فسيكون إيثاراً من القوى الوطنية التي تشارك الشعب اليمني معاناته وتضحياته الجسيمة حتى الانتصار على العدوان، من أجل سيادة الوطن وكرامة أبنائه، وحرية إرادته، ونقول لهم: الذي يقدم كل هذه التضحيات لن يصعب عليه القليل من التنازلات؛ إنما ليس في إطار العدوان. 
بنفس الوقت نقول للقوى التي آثرت العدوان وانساقت في ركابه: أنتم تعلمون أن هذا الارتزاق لن يمنحكم وطناً كما لن يسامحكم التاريخ.. ولن يغفر لكم أبناؤكم هذه الخيانة قبل الشعب. عليكم استدراك الوقت والموقف قبل أن لا يفيد الندم.. وعفا الله عما سلف. جميع القوى تسعى لخدمة الوطن، وخدمة الوطن هي بالتكامل والحرية والسيادة والإرادة الحرة وحياة العز والنعيم. 
ما يزال في الوقت متسعٌ للعودة إلى الصواب وإلى جادة الوطن.
كما نشيد ونبارك للانتفاضة الشعبية ضد الاحتلال في مدينة عدن وبقية مدن الجنوب المحتلة، ونشد على يدها ونتمنى استمرارها حتى تلتقي مع القوى الوطنية المجابهة للعدوان، فلم يعد هنالك وفق المعطيات السابقة والمستمرة غير حقيقة واحدة، أن العدوان السعو إماراتي يستهدف اليمن كاملة واليمنيين كافة دون استثناء. والله المطلع والمعين، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

أترك تعليقاً

التعليقات