أمريكا- السعودية- إسرائيل
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا

الهدف الاستراتيجي لأمريكا، والسعودية، وإسرائيل، من خلال التحالفات، والمؤتمرات، واللقاءات، وصفقة القرن، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، تلك خيارات استراتيجية تصب في بوتقة واحدة تتمثل في تصفية القضية الفلسطينية، وقمع الحركات التحررية، وسحق المقاومة الصلبة في الوطن العربي. لحظات تاريخية تتجمع في دائرتها كل الحقائق من مقدماتها إلى نتائجها، هناك الدفع الأمريكي للسيطرة والإنهاك وصفقات أسلحة ومعدات حربية للسعودية ولإسرائيل والإمارات وصلت بعد الاتفاقات الاستراتيجية بينهما إلى مستوى تدمير وتفجير ما فوق الأرض وما تحتها، حتى وصل لهيبها إلى الكنائس والجوامع. لم يكن الواقع العربي في دوامة الاضطرابات الخطرة كما هو الحال ونحن نقترب من زوايا المنزلقات الوعرة لمستقبل الأمة وأجيالها وطموحاتها المشروعة والمرهونة بالقبض على لحظة وعي لموجهات التكتلات والتحالفات الدولية ذات النوايا الجشعة، وبرغم الضغوط الهائلة والإمكانيات المهولة والاختراقات المختلفة التي تمارس ضد الأنظمة الحرة التي حققت الانتصارات العظيمة في اليمن وسوريا والعراق ولبنان، وتراجع المشروع الأمريكي ونزعته الأبدية للعدوان، ومشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يرمي أساساً إلى تدجين المنطقة والقوى الحية والفاعلة والمؤثرة في الوطن العربي، ودفع العرب إلى إقامة أنظمة ممسوخة تلغي الهوية العربية وتطمس معالمها بما يتوافق مع المخطط الأمريكي والنظام العالمي الجديد، الأداة الحاضرة والمستقبلية للسيطرة على مقدرات الشعوب العربية وثرواتها والتحكم بها وبسط نفوذها وفرض إرادتها، استطاع المشروع الأمريكي مؤقتاً تدجين بعض الأنظمة العربية، واحتواء مستقبلها، وشق الساحة السياسية العربية إلى قوى شعبية حية تصارع على جبهتين؛ جبهة قوى التطبيع والخيانة والاختراقات الداخلية، وجبهة المشروع الأمريكي وإسرائيل ومخططاتهما الاحتوائية والتدجين والتآكل التدريجي حتى مستوى الموت والانقراض. وبرغم ذلك استطاعت المقاومة الشعبية والقوى الحية الموحدة في الوطن العربي بفكرها التقدمي والتحرري وأهدافها الوطنية النبيلة، أن تشق طريقها بغض النظر عن ترتيبات أصحاب النظام العالمي، وتحالفات تلك الكيانات، ومحاولاتها السخيفة في خلق (العدو الوهمي)، وخداع شعوبنا وتضليلها لتنفيذ مخطط العدو الرئيسي لشعوبنا العربية والإسلامية (أمريكا وإسرائيل)، والخضوع لرغبات الرئيس الأمريكي المعتوه ترامب وتوعده بأن الأيام المقبلة ستكون حبلى بالأحداث المصيرية والترتيبات الاستراتيجية الحاسمة لأوضاعنا في سبيل تأمين استمرار أمريكا ونموها وتفوقها وسيطرتها، وتلهفه نحو تسريع الوصول إلى مراكز النفوذ الجديدة في المنطقة. 
السعودية وبعض الدول الخليجية تمول وتشارك مشاركة فعلية في كل تلك الصراعات الدائرة في المنطقة والخراب والدمار لمصلحة العدو وتحقيق أهدافه وخياراته الرامية لغزو ثقافتنا الخاصة وتفريغ الإنسان العربي من مضامينه الروحية والأخلاقية وتعميم ظاهرة الإنسان الاقتصادي المسطح بالبعد الواحد والخالي من ثنائيات مادية وقيمية وأخلاقية وروحية.
لا يوجد أمام الشعوب العربية سوى الاستمرار في المقاومة والصمود، والشعب العربي كان دوماً قادراً على اختراع أساليب مقاومته في كل الظروف الحالكة والصعبة للغاية، وربما تبدو الأوضاع هذه الأيام أكثر قساوة ومرارة، وليست على كل حال أسوأ مما مر بالشعوب العربية، ولكن وكما في كل مرة، فالمقاومة ليست خياراً بين خيارات، إنها الخيار الوحيد الواقعي والممكن لرد الاعتبار التاريخي للوطن العربي.

أترك تعليقاً

التعليقات