خفايا دهاليز مفاوضات السلام 17
 

عبد الإله محمد حجر

تقييم أداء الوفد الوطني
كان الوفد الوطني منذ بداية المفاوضات يحمل هم إيقاف نزيف الدم اليمني وإيقاف الحرب الظالمة والحصار الجائر الذي تسبب في معاناة الشعب اليمني بأكمله، وذلك استشعاراً بالمسؤولية الدينية والأخلاقية والإنسانية، ومن أجل تحقيق ذلك كان جاهزاً ومبادراً لتقديم الأفكار والرؤى التي تحوي في ثناياها تنازلات تتناسب مع ذلك الهم والهدف النبيل، ولتؤمن مخاوف أطراف الصراع وتفوت فرص توسع الإرهاب وتمدده. 
فمنذ الجولة الأولى طالب بالوقف الكامل والشامل لإطلاق النار، واقترح تشكيل حكومة وطنية بالمناصفة مع الطرف الآخر، تشرف على الترتيبات الأمنية والعسكرية لتحقيق السلام والاستقرار في كافة الأراضي اليمنية.
ورغم أن الوفد الوطني مكون من المؤتمر الشعبي العام وأنصار الله وبعض الأحزاب الأخرى، إلا أن مواقفه وبياناته ومداخلات رئيسي الوفدين وأعضائهما كانت على أعلى مستوى من الانسجام والتنسيق والاحترام، بالإضافة إلى سمو السلوك والعلاقة سواء في ما بين أعضاء الوفد أو مع الأطراف الأخرى والمجتمع المحيط، وهو ما أكسب الوفد احترام الدولتين المضيفتين سويسرا والكويت.. ورغم ذلك فإن أي عمل لا بد أن تشوبه بعض السلبيات والثغرات، والتي في اعتقادي أنها وإن لم تؤثر على نجاح الوفد في أداء مهمته التفاوضية، إلا أن تفاديها في المستقبل سيعزز من النجاح.

الخلاصة والرأي
يعتقد البعض بأن جولات التفاوض كانت مضيعة للوقت ووقوعاً في فخ التحالف الذي تقوده السعودية للتظاهر بالتفاوض لتحقيق السلام، بينما في باطن الأمر إتاحة الفرصة لإطالة أمد الحرب وتحقيق مكاسب عسكرية على الأرض واستخدام التفاوض كغطاء لبشاعة العدوان وتمرير وتسويغ مقولة تتعلق بـ(اعتراف الانقلابيين بالسلطة الشرعية القابعة في الرياض من خلال التفاوض معها)، وفي حقيقة الأمر أن تلك المقولة مردود عليها بأن أولئك الذين خارج اليمن ويدعون أنهم (الشرعية) اعترفوا بمن يملك السلطة الفعلية على الأرض وجلسوا للتفاوض معهم.
وبعيداً عن تلك الرؤية السطحية، فإن الرؤية الوطنية بشأن الانخراط في المفاوضات من حيث المبدأ هي استجابة لقول الله عز وجل (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها)، كما أن الهدف النبيل من وراء ذلك هو حقن دماء الشعب اليمني، وذلك الهدف يستحق من التضحية ما لا يؤثر على مبدأ الاستمرار في الدفاع عن النفس وعدم الرضوخ والاستسلام بأي شكل للعدوان، وقد تجسد هذا في تصاعد الهجمات في ما وراء الحدود والتنكيل بجنود العدو ومرتزقته رداً على استمرار الغارات الجوية السعودية على المدنيين والأهداف المدنية، كما أن ما يحكم الوفد الوطني في تفاوضه هو التوجيهات الحكيمة للقيادة السياسية، ورغبة الشعب اليمني الأبي في تحقيق سلام عادل ومشرف يحفظ كرامته ويحقق الاستقرار، وتعويض ما دمره العدوان وإعادة الإعمار.

(*) عضو الوفد الوطني لمفاوضات السلام اليمنية

أترك تعليقاً

التعليقات