الحوارات العربية
 

راسل القرشي

راسل القرشي / لا ميديا

دائماً ما نؤكد أن الحوارات العربية لا تقود إلى شيء، وتنتهي كما بدأت أو أسوأ مما كانت، حوارات تنتهي بتصادم في العلاقات، وقد تقود إلى أزمة حقيقية تكون نتيجتها قطع العلاقات.. 
شيء طبيعي وسبق أن حدث مرات ومرات، وقادت في النهاية إلى التآمر وخلق الفوضى وما تسمى (الثورات) التي أطاحت برؤساء وأدت في النهاية إلى خلق فوضى وحروب وصراعات لم تهدأ أو تنم حتى وقتنا الراهن، كانت نتاجاً للخلافات الحوارية العربية.
الحوارات العربية يمكن أن نعكسها ببساطة في المقابلات التي تجمع طرفين أو تيارين سياسيين مختلفين من بلد واحد في القنوات العربية، وتنتهي بالسب والشتم ورفع المسدسات والقذف بكأسات الماء أو الكراسي، وغيرها من صور وأشكال التصادم التي نراها على الواقع ويتم عكسها بوضوح عبر شاشات الفضائيات..
حوارات لا تقود إلى التقريب في وجهات النظر بين المتحاورين، وإنما إلى خلق المزيد من الصراعات أكثر وأكثر.. فأين تكمن المشكلة بالضبط؟!
المشكلة باختصار هي أن العرب يستعرضون عضلاتهم في ما بينهم كما حدث ولا يزال يحدث بين حركتي (فتح) و(حماس) الفلسطينيتين.. فيما تنكمش هذه العضلات مع الغرب أو عند تدخل الغرب كطرف وسيط بين طرفي الصراع..
إن ما حدث ويحدث من قبل هذه القيادات التي تدعي حرصها على عدم إراقة الدماء كذباً وزوراً، تدحضها أقوالهم في المقابلات الإعلامية عبر الفضائيات، وعبر أفعالهم وممارساتهم وتحركاتهم على الواقع الوطني المعيش..
مشكلة العرب عموماً أن الخصومة إن حدثت بين طرفين سياسيين، فإنها تصل إلى درجة الفجور.. والفجور يقود إلى التصادم المسلح وإثارة الفوضى والتهديد والوعيد الذي لا يهدأ..
من يتابع أي حوار تليفزيوني عبر أية فضائية عربية بين شخصين من اتجاهين سياسيين مختلفين، يدرك حقيقة الواقع المأساوي المزري الذي تعيشه الشعوب العربية بفضل سياسييها الذين يعكس كل منهم اهتمامه بالشعب وقضاياه المختلفة، وفي المقابل يفضلان الاتجاه صوب تصعيد خلافاتهم بشكل أكبر ليصل حد التصادم والإضرار بالشعب الذي يبقى هو الضحية الوحيد جراءها، وتنعكس سلباً على حياته ومعيشته بشكل عام..!
لنسقط هذه الحالة على الواقع اليمني.. وقبل ذلك نؤكد أن الحوار هو الوسيلة المثلى لحل الخلافات بين الفرقاء السياسيين والتوصل إلى سلام حقيقي ينهي الصراعات القائمة، ولكن:
على أي أساس سيبنى أي حوار ويتم..؟! 
الحوار تم رفضه وانقلبت عليه بعض الأطراف قبل أن تراق قطرة دم واحدة، وقبل أن يكون هناك عدوان وحرب.. فكيف سيتم تقبله اليوم بعد كل هذه الدماء، وبعد أن طغت ثقافة الانتقام والثارات والأحقاد والكراهية على ثقافة الأخوة والمحبة والسلام..؟ 
في اعتقادي إن الحوار لم ولن يقود إلى أية نتيجة إن ظل أي طرف من أطراف المكونات السياسية متمسكاً بـ(حبتي وإلا الديك)..! 
أي حوار نريده يجب أولاً أن ينطلق من الإيمان الحقيقي بالوطن، ورمي المشاريع الأحادية الضيقة جانباً..
نحن جميعاً نتوق إلى إيقاف الحرب وإنهاء العدوان، والجلوس على طاولة حوارية تقود البلاد والعباد الى تحقيق السلام، وإلى دولة مدنية حقيقية لا صوت يعلو فيها على صوت المواطنة المتساوية والعدالة والقانون الجامع والشامل الذي يحتكم إليه الجميع..
مشكلة حقيقية تواجه المجتمعات العربية، وتتركز في إصرار القادة السياسيين المتحاورين على قضاء كل منهما على الآخر، ولا يؤمنون بحل وسطي أبداً..
وهنا، وفي ظل الواقع المعيش، ومع كل ما نشاهده ونسمعه من القادة السياسيين، نصل إلى نتيجة مفادها أن الثقة منعدمة بين الأطراف السياسية، ولا يمكن الوصول لحلول واقعية والقبول بها من قبل الجميع ما دامت الثقة منعدمة..

أترك تعليقاً

التعليقات