ثورة الشعب السوداني
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / لا ميديا

إن انطلاق ثورات الشعوب لا راد لها مهما اعترضتها من عوائق، ومهما تخللتها من عثرات، ومهما ألم بها من إرهاصات، سواءً كانت داخلية من أدوات المستعمر كسلطات الوصاية حالياً، أو خارجية من المستعمر ذاته، وذلك لأنها إرادة شعوب، وإرادة الشعوب لا تقهر، لأنها تنبع من وعيها وإيمانها بحقها، فهي صاحبة الحق، وإذا ما توحدت على كلمة سواء، فإنها ماضية نحو تحقيق أهدافها، وإن طال الزمن، ولن يستطيع أحد كسرها أو كسر إرادتها، وبهبة شعبية واحدة تستطيع أن تفعل فعلها وتبلغ ما تريد، أما إذا ما تعمدت ثورة أي شعب بالدم، فإن ذلك بمثابة إعلان لنجاحها، وقد أعلنت سلطة الحكم في السودان نجاح الشعب في ثورته عندما واجهته بالقتل المباشر.
عهد الشعب السوداني في الثورات الشعبية على الأنظمة العسكرية الديكتاتورية ذات الهوى غير السوداني، عريق. وبإطلالة سريعة، وبالنظر للماضي المنظور من تاريخ الشعب السوداني الذي أعلن تحرره من الاستعمار الإنجليزي يوم 1/1/1956م، وبنظام برلماني وحكومة انتقالية مدنية يرأسها إسماعيل الأزهري، وبإيعاز من المستعمر للعسكر الذين هم امتداد لقوة دفاع السودان التي شكلها المستعمر نفسه، تم الانقلاب العسكري في 17 نوفمبر 1958م بقيادة إبراهيم عبود، واستمر حكم الانقلاب حتى الثورة الشعبية السودانية عليه في 21 أكتوبر 1964م، وبظرف 8 أيام أسقط الشعب سلطة الانقلاب، وكانت هذه الثورة من أنصع الثورات وأنظفها، حيث سقط فيها شهيدان هما محمد القرشي، ومحمد حيران، وعدد من الجرحى، ونجحت، واستمرت المرحلة المدنية الديمقراطية برئاسة إسماعيل الأزهري حتى الانقلاب العسكري مرة أخرى بقيادة جعفر النميري، في 25 مايو 1969م، واستمر حتى الثورة الشعبية الثانية في 6 أبريل 1985م، لتأتي فترة انتقالية لعام واحد بقيادة سوار الذهب، ثم انتخابات أسفرت عن سلطة مدنية بقيادة الصادق المهدي ومحمد عثمان المرغني، في 6 أبريل عام 1986م، والتي انقلب عليها العسكر بقيادة عمر البشير، في 30 يوليو 1989م، والمستمر حتى هذه الثورة الشعبية الثالثة التي انطلقت في 19 ديسمبر 2018م، والمستمرة لاقتلاع البشير وسلطته الخائنة للشعب العميلة للأجنبي، والتي بفضلها وفعلها أدخلته في حروب داخلية وقسمت السودان ومزقته وأفقرته وجوعته وهو أرض النيلين والخيرات وسلة غذاء العالم.
أخيراً نقول لا قلق على ثورة الشعب السوداني من عدم وجود قيادة أو غيرها من المخاوف، فمن يقود الثورة ويرعاها هو الشعب السوداني نفسه من خلال اتحاد المهنيين السودانيين، وليس الأحزاب التي هي جزء من النظام. وما يؤكد أنها ثورة سودانية شعبية خالصة هو عدم وقوف المستعمر الأنجلوصهيوأمريكي معها، ولا أنظمة العرب التابعة له، ولا قنوات الربيع العبري، وهذا فخر لها، إضافة إلى أنه من عوامل قوتها ونجاحها. عاش الشعب السوداني العظيم حراً أبياً مستقلاً، (حرية.. سلام.. عدالة)، الثورة خيار الشعب.

أترك تعليقاً

التعليقات