إيران الربيع الدائم (2)
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -

السينما وولاية الفقيه
في ظل ولاية الفقيه وتوجهات الثورة الاسلامية، استطاعت إيران أن تقتحم السينما العالمية، كاسرة كل الحواجز والعوائق التي لم تكن في صالحها (الحرب العراقية - الإيرانية، والمؤامرات الخارجية، والحصار)، وملأت الكرة الأرضية بأعمالها المتفوقة والناجحة.
وأصبحت تلك النجاحات مصدر فخر لإيران، واستطاعت الثورة الإسلامية أن تصنع سينما خاصة بها وبثقافتها تضاهي السينما العالمية، وأيضاً التفوق عليها في أحيان كثيرة، وتمكُن السينمائيون في إيران من صناعة سينما بنكهة إيرانية خالصة ساعدتها في الوصول إلى العالمية وحصد العديد من الجوائز العالمية ومن أرقى المهرجانات: مهرجان كان، مهرجان لوكارنو، مهرجان البندقية، مهرجان القارات الثلاث، وغيرها من المهرجانات العالمية، وحصلت أفلام إيرانية عديدة على جوائز دولية، مثل السعفة الذهبية من مهرجان كان الدولي لفيلم "طعم الكرز"، وجائزة الأوسكار لأفضل فلم أجنبي عام 2012م لفيلم "البائع"، وجائزة الأوسكار للمرة الثانية لفيلم "الانفصال" والذي نال 30 جائزة من مهرجانات أخرى. 
ولاية الفقيه تنتج 130 فيلماً سنوياً من الأفلام الروائية. هذا الرقم يستثني الأفلام الوثائقية والتسجيلية. وأيضاً هناك طوفان من الأفلام التي تنتج من أجل التلفزيون الإيراني، مع العلم بأن فرنسا وهي صانعة الأفلام الأكثر نجاحاً في أوروبا تنتج 200 فيلم في السنة، بينما تنتج بريطانيا ما يزيد عن 100 فيلم سنوياً حسب إحصائية نشرتها "الغارديان" عن السينما الإيرانية. وتشكل السينما الإيرانية في عهد ولاية الفقيه تفرداً خاصاً بها، في الشرق الأوسط والعالم أجمع، وتكاد تكون الأبرز، وكثير من الدول ترى فيها تهديداً لها، مثل مملكة الشر السعودية التي كتبت إحدى صحفها وتسمى "مكة" أن شهاب حسيني أخطر من الحرس الثوري. وأضافت أن إيران احتلت العالم بواسطة صناعة السينما الخاصة بها، وصرح المخرج الألماني الشهير فيريز هرتسوغ بالقول: "إن أعظم أفلام العالم اليوم تصنع في إيران".
 السينما الإيرانية تلتزم (الحشمة) وتبتعد عن إثارة الغرائز وتخلو من المشاهد المخلة بالآداب، مما أكسبها احترام جمهور راهنت عليه محوراً لقصصها وجوهراً لاهتمامها، سينما تحترم عقل المشاهد وتخاطبه بوجدانية وعقلانية، سينما تميزت بالمزج بين الروائي والوثائقي إلى حد ذوبان الفوارق، وحققت بذلك مكانة رفيعة في العديد من المحافل والمهرجانات الدولية، باعتبارها من أهم مراكز صناعة السينما في العالم. والملفت في الأمر الحضور النسوي البارز خلال السنوات التي تلت انتصار الثورة الإسلامية، حيث سطعت مخرجات وممثلات سينمائيات أمثال المخرجة رخسان بني اعتماد، وتهمينة ميلاني، ونوران دوخشندة، ومرضية مشكيني، وسميرة مخملياف التي عرضت فيلمها الأول "التفاحة" في مهرجان كان الدولي بينما لم تتجاوز الثامنة عشرة من عمرها.
هذه إيران ولاية الفقيه، استطاعت أن تكون ضمن الثلاث الدول المتفوقة في المجال السينمائي في العالم وتفوز بــ1148 جائزة دولية وتشارك في 15 ألف مهرجان دولي، في الوقت الذي ماتزال فيه الدول الخليجية والتي تطل على سواحل إيران تستنسخ المركبات الرياضية العملاقة، وناطحات السحاب الشاهقة، وتمول الإرهاب وتتباهى بذلك، فالإسمنت لا روح له، خاصة إذا شيدته أيدٍ أجنبية، بينما الثقافة تحمل تعريفاً للمجتمع وتعبر عن مستوى رقيه ونافذة يطل عبرها الشعب الإيراني على العالم قصد التواصل مع الثقافات والحضارات الأخرى.
 الثقافة لا تصنع بالمال فقط، ولكن بالعقول الذكية المبدعة. صحيح أن إيران غنية وكذلك الدول الخليجية المحيطة بها، ومع ذلك لم تنتج السعودية في تاريخها سوى فيلم واحد: "كيف الحال؟!"، وكان خسارة كبرى، وفضيحة فنية، مثل خسائرها وهزائمها في عدوانها على اليمن. مثل هذه الدول الكرتونية كارثة على الإنسانية والثقافة والحضارة ولا تنتج إلا الدمار والحروب.

أترك تعليقاً

التعليقات