تعز .. أثافي المناطقية وحطبها
 

أنس القاضي

أنس القاضي / لا ميديا -

تشهد محافظة تعز استقطابات حادة منذ 2015، وتم تعيين 4 محافظين لها في أقل من 4 أعوام بدءاً بشوقي هائل الذي استقال بعد رفض الإصلاح اتفاقاً رعاه مع أنصار الله، ثم علي المعمري وأمين محمود، وأخيراً نبيل شمسان. ويأتي تعيين المحافظ الجديد والقيادي المؤتمري نبيل شمسان، وكذا قائد لمحور تعز من المؤتمر، إخلالاً بالتوازن العسكري السياسي الموجود في تعز، حيث يصطف اليوم في الجبهة المواجهة للإصلاح كل من المؤتمر والناصريين (في اللواء 35)، بالإضافة إلى كتائب أبو العباس. وهذا الإخلال بالتوازن والتغيير في شخوص معينة في السلطة المحلية والعسكرية، سوف يُعيد محافظة تعز من جديد إلى دائرة التوتر، مما جعل الإصلاح يضيف رديفاً عسكرياً إلى القوات التي يملكها تحت اسم "الحشد الشعبي"، ويباشر الهجوم على مواقع "أبي العباس"، في المدينة القديمة باسم "حملات أمنية لضبط المطلوبين"، ويتزامن هذا الحراك في تعز مع رفض حكومة هادي لمشروع اتفاق السويد بشأن تعز، الأمر الذي يفهم منه محاولة التحالف تفكيك الإخوان من تعز كما حدث في عدن. 
وعلى خلفية هذا الصرع السياسي، وما تحركه من نزعات تنافسية إماراتية ـ سعودية، تعيش مدينة تعز ليالي من النار والرعب والموت، وما كانت لتصل إلى هذه اللحظة لولا النزعة المناطقية التي جرى تنميتها في تعز منذ 11 فبراير 2011م، وبوتيرة أعلى إبان مؤتمر الحوار الوطني، تمهيداً لمشروع الأقلمة.
حين كنا نقول بأن الإرهابيين في تعز يرتكبون الجرائم بحق المدنيين، ويتهمون الجيش واللجان الشعبية، ويقدمون أنفسهم أبطالاً، لم يكن البعض يصدق. وها هم اليوم يتقاتلون بالأسلحة الثقيلة وسط المدينة. خرج أنصار الله من المدينة، واليوم كل الشوارع مليشيات إرهابية تقاتل بعضها بعضاً، لا جنود في المعسكر. والحوبان حيث أنصار الله أمان واستقرار.
في بداية العدوان، نُهب واحتل منزل مفتي تعز الشيخ سهل بن عقيل، في المدينة القديمة، وغيره من منازل من لهم موقف ضد العدوان أو نقائل من صنعاء وأسر هاشمية تسكن من مئات السنين، ونبشت قبور وفجرت قباب ومساجد، وأبرزها مقام الصوفي "السودي"، وحوصرت قرية الصراري، وارتكبت الجرائم الفظيعة من قتل وتمثيل بالجثث ونهب، ومثلها وقع في الجحملية بعد سقوطها في أيدي المرتزقة؛ فالذي قبل بهذه الجرائم حينذاك، وأيد المرتزقة، ولم يغير المنكر حتى في قلبه كمقت ورفض لهذه الممارسات، كان يجب أن يعلم أنه سيصبح يوماً ضحية للمرتزقة، وها هم المرتزقة يتحاربون في المدينة القديمة، ويحرقون ويقتلون وينهبون، وأنا لا أتشفى، فأهالي المدينة القديمة ضحايا لا مدانون، لكني أشير إلى أن الضخ الإعلامي والتعبوي الثقافي المناطقي الطائفي الذي قام به المرتزقة، أعمى الناس وضللهم، وجعلهم يرون المجرم نصيراً ومقاوماً، والوطني محتلاً، والواقع اليوم يجعلهم يعيدون التفكير في تصوراتهم السابقة.

أترك تعليقاً

التعليقات