أحمد الشريفي

أحمد الشريفي / لا ميديا -

مشروع الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة وضع مسودته الأولى الرئيس الشهيد صالح الصماد، وكان المشروع أحد الأسباب التي أدت إلى استهدافه من قبل العدوان، كما يقول البعض، غير أن الرؤية التي حملت عنوان "يد تحمي ويد تنبي" لم تتوقف عقب استشهاد الصماد، فقد عمل المجلس السياسي الأعلى على استكمال مسودة المشروع (الرؤية) من خلال إقامة الندوات والفعاليات مع مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب والتنظيمات السياسية. وكلٌّ أدلى برأيه وساهم في إثراء الرؤية. وقد تسلمت الحكومة من المجلس السياسي الأعلى مشروع الرؤية خلال الأسابيع الماضية من أجل وضع اللمسات الأخيرة عليه قبل أن يقره المجلس السياسي الأعلى بشكل نهائي ثم تنفيذه. وقبل الخوض في عرض الرؤية لا بد من التعريج على مقدمة الرؤية التي كتبها الرئيس مهدي المشاط، فقد أوضح المشاط أن "سيادة القانون هي عنوان الدولة اليمنية الحديثة، ومفردات هذا القانون هي مضمونها وهي مفردات تقاس بمدى صيانتها لحقوق الإنسان وحرياته وتنظيمها لواجباته. وفي هذا السياق نؤكد كمجلس سياسي أعلى أن منهجنا سيكون تطبيق العدل بين الناس وتوفير أعلى سقف للحريات وحمايتها بما لا يستخدم ضد الوطن والمصلحة الوطنية العليا أو يخدم الأعداء المتربصين باليمن". ويضيف الرئيس المشاط: "إن من أهم مهام الدولة اليمنية الحديثة الحفاظ على استقلالية اليمن وسيادته ووحدته من أي هيمنة أو وصاية أو تبعية أو احتلال". 
أما رئيس الوزراء بن حبتور فاعتبر الرؤية الوطنية قراءة في ماضي وحاضر ومستقبل اليمن، وأن تنفيذها سيكون بالتدريج حيث سيتم تطبيقها أولاً في المناطق المحررة من الاحتلال، أي في المناطق الخاضعة لسيطرة المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ.

محتويات الرؤية 
اشتملت الرؤية على 8 أبواب هي: 
الباب الأول: خلفية الرؤية ومبرراتها، والباب الثاني: منهجية التخطيط المتبعة، والباب الثالث: يتحدث عن أبرز تحديات الوضع الراهن، أما الباب الرابع فخصص لمرتكزات الرؤية وغاياتها ومحاورها حيث تم تحديد 3 مرتكزات للرؤية، الأول: "دولة يمنية موحدة ومستقلة وقوية وديمقراطية وعادلة" ويأتي في نطاقه محور البناء المؤسسي والتنمية الإدارية ومحور منظومة إدارة الحكم، ومحور الأمن القومي والسياسة الخارجية، ومحور الأمن والعدالة. المرتكز الثاني: "مجتمع متماسك وواع ينعم بحياة حرة وكريمة"، وجاءت محاور هذا المرتكز كالآتي: محور المصالحة الوطنية والحل السياسي، محور البيئة والتنمية العمرانية، ومحور البناء الاجتماعي، ومحور الاقتصاد، ومحور البنية التحتية والخدمات الأساسية الأخرى. أما المرتكز الثالث فهو: "تنمية بشرية متوازنة ومستدامة تهتم بالمعرفة"، ويأتي في نطاقه محور التعليم، ومحور الابتكار والمعرفة والبحث العلمي، ومحور الصحة.
الباب الخامس: خصص لسمات وخصائص الرؤية، فيما تحدث الباب السادس عن عوامل النجاح وتحديات تنفيذ الرؤية، وخصص الباب السابع للحديث عن إدارة العمل لتنفيذ الرؤية. واختتمت محتويات الرؤية في بابها الثامن والمتعلق بالموارد ومصادر الدعم المالي لتنفيذ الرؤية.

الهياكل التنفيذية للرؤية
وتضمنت الرؤية هيكلية خاصة بإدارة تنفيذها من 3 مستويات إدارية، المستوى الأول: المجلس السياسي الأعلى باعتباره الراعي الأساسي للرؤية ويندرج تحت مسؤوليته فريق المتابعة والتقييم والذي سيكون ضمن سكرتارية المجلس السياسي الأعلى ويعنى بالمتابعة والرقابة والتقييم لسير المشروع، ويتكون من خبراء ومختصين ذوي قدرات نوعية في مجالات المتابعة والتقييم للبرامج القومية.
وكذلك يندرج تحت إطار المجلس السياسي فريق آخر، هو فريق المصالحة الوطنية والحل السياسي، ويتكون من رئيس وأعضاء يعينهم المجلس السياسي الأعلى، ومهامه التنسيق والتنظيم لأعمال محور المصالحة الوطنية.
المستوى الثاني: الحكومة، وتسمى اللجنة الوزارية القطاعية، وهي الجهاز الفني لتنفيذ الرؤية وعكسها على الواقع، ويندرج تحت إطارها فريق خبراء يدعم جهود اللجنة الوزارية القطاعية، ويتكون من مجموعة من الخبراء يتم الاستعانة بهم حسب الاحتياج الفعلي فرادى أو فرقاً.
المستوى الثالث: الفرق المؤسسية ومدراء المشروعات، ويتكون من 5-7 أعضاء في الجهة، برئاسة رئيس الجهة أو المسؤول الثاني، ويعنى بتنفيذ أهداف المشروع في كل جهة ويتحمل كافة المسؤولية عن إعداد خطتها وتنفيذها في إطار الرؤية.
وخولت الرؤية المواطن المتابعة والتقييم والإبلاغ عن أي تقصيرات من خلال خط ساخن.
كما طالبت الرؤية الإعلام بالإسهام الفاعل في تنفيذ المشروع من خلال كشف أي خلل أو تقصير، وتعبئة المجتمع للوقوف خلف الرؤية.

استفسارات 
بحسب تصريحات أمين سر المجلس السياسي الأعلى، الدكتور ياسر الحوري، فإن هناك آلية تنفيذ للرؤية سترى النور قريباً، ويؤمل من هذه الآلية استيعاب كل التفسيرات المتعلقة بفحوى الرؤية ومضامينها وطرق تنفيذها، فعلى سبيل المثال لا الحصر: تلك الأسئلة المتعلقة بالجانب السياسي، أو إصلاح الجانب السياسي إن صح التعبير، باعتبار التوافق السياسي هو المدخل الرئيسي والأبرز الذي يقود إلى تسهيل تنفيذ بقية أهداف ومهام الرؤية، ومن هذه الاستفسارات: 
ما الغايات التي تضمنتها الرؤية حول المصالحة الوطنية الشاملة بين الأحزاب والمكونات السياسية بمختلف الفئات؟ كيف يمكن جمع الفرقاء ومنهم من ذهب مع العدوان ولم يعد يمتلك قراره بنفسه؟ 

الشراكة السياسية طريق النجاح
إن تنفيذ المشروع لن يتم إلا عبر شراكة سياسية بين كل القوى والمكونات السياسية، باعتباره مشروعاً وطنياً للبناء بعيداً عن التقاسم السياسي والمحاصصة. ولكن كيف يمكن فهم شراكة سياسية وبعيداً عن التقاسم والمحاصصة؟ 
- إن من أبرز تحديات الوضع الراهن، كما أشارت الرؤية، التوافق الوطني الضعيف في ظل استقطاب أطراف خارجية إقليمية ودولية، فكيف يمكن التغلب على هذا العائق بشكل واقعي؟
- خولت الرؤية المجلس السياسي الأعلى تعيبن أعضاء فريق المصالحة الوطنية، والسؤال: هل يتشكل المجلس السياسي الأعلى من كافة القوى والأحزاب والمنظمات، حتى لا يستثنى أحد من المشاركة؟

مصادر الدعم المالي وصعوبات التنفيذ
في باب الموارد ومصادر الدعم المالي لتنفيذ الرؤية جاء ما يلي: الوحدة المعنية بعد استلام الخطة النهائية تقوم بتحديد المصادر المتاحة لتدبير تلك الموارد، داخلية أو دعماً خارجياً. وهنا يجب التوقف حيال كلمة "الدعم الخارجي" وما الذي يقصد به، خصوصاً إذا استمر العدوان والحصار؟ 
- حددت الرؤية فريق خبراء يتم الاستعانة بهم عند الحاجة، لكنها لم توضح هل سيقتصر الخبراء على الخبير المحلي أم يمكن الاستعانة بخبراء أجانب...؟
خلاصة القول: لقد اعترفت الرؤية بصعوبة تنفيذها، بل واعتبرت أن مقاومة التغيير سيكون عاملاً في تأخير جني ثمار تطبيقها، بالإضافة إلى مشكلة الموارد البشرية والمالية، وأن تطبيقها يحتاج إلى إرادة سياسية قوية.

أترك تعليقاً

التعليقات