عيال مسعد ومسعدة
 

عمر القاضي

عمر القاضي / لا ميديا -

إلى الأبوين مسعد ومسعدة، الذين كدحوا ودفعوا الغالي والنفيس في سبيل تربية العيال...
إلى الأبوين الذين تسلفوا وتمرمطوا من أجل تعليم أبنائهم... 
ما إن كبروا، لو تعلمون إلى أين ذهب جهال مسعد ومسعدة! ليس إلى المكان الذي كان يحلم به الأبوان سابقاً.
لقد ذهبوا إلى مكان آخر لا يبعث السرور ولا الفخر إطلاقاً.
لقد ذهبوا إلى الحدود ليرتزقوا مع السعودية في قتال إخوانهم اليمنيين.
الله والفعلة يا حاج مسعد! تعبك وحلمك ذهب سدى! شغلت أفكارنا أيام المدرسة وأنت تلاحق جهالك الثلاثة، وتكلفنا بمراقبتهم ما إذا كانوا سيحضرون حصة الوطنية والجغرافيا الأخيرة في جدول المدرسة أم لا.
وعندما نعود كنت تسألنا: هل حضروا الحصة الأخيرة؟ ونرد بأنهم حضروها، وأنهم لم يتمكنوا من الهروب أثناء الراحة.
أتذكر أنك كنت لا تصدقنا وقتها، فنحلف كثيراً لإثبات حضورهم حتى الحصة السادسة.
ليتهم هربوا يا حاج مسعد ولم يحضروا حصة الجغرافيا والوطنية، لقد فهموها عكس!
كان الحاج مسعد كأي أب يحرص أن يذهب أبناؤه إلى المدرسة ويحضروا جميع الحصص.
لا أدري لماذا كان يتم وضع مادة الجغرافيا والوطنية بالذات آخر الحصص في الجدول المدرسي، فتأتي وجميع الطلاب في لحظات الهلاك من الجوع.
مادة الجغرافيا والوطنية ألفها تربويون أشك بوطنيتهم كثيراً. أما مدرسو المادة شهادة لله إنهم وطنيون وأبطال ولا أنكر ذلك، عكس المؤلفين، الذين اهتموا برسم الكرة الأرضية على غلاف كتاب الجغرافيا الأمامي، لتوضيح نوع المادة، حتى يفهم الطلاب والخلق أنها جغرافيا! ربما كانوا يعتقدون هكذا أنه من دون رسم الكرة الأرضية لن يفهمها الطلاب.
اهتموا بتوضيح الغلاف وأفرغوا محتوى الكتاب الداخلي. لقد كتبوا في أول صفحاته عن الموقع الجغرافي وأهميته الاستراتيجيه، وأنا أقول ليش العالم كله تكالب علينا، أكيد بسبب أهمية موقعنا المدون في مطلع كتاب الجغرافيا. 
أما المساحة فقد قدر التربويون أنها تبلغ 550 ألف كيلومتر مربع، فقط! لن أقول قلدهم الله، فمساحة اليمن أكثر بكثير من تقديرهم الضئيل والمزيف.
كم أمقت التقدير، بالذات عندما يكون مرتبطاً بقضايا الأرض والوطن! الله لا فتح عليكم! 
أين ذهبتم ببقية مساحة اليمن؟! أين جيزان ونجران وعسير وبقية صحراء الربع الخالي؟!
مساحة جغرافيتنا تتضاءل سنوياً، ومع كل تغيير للمنهج المدرسي وتعيين وزير تربية جديد. 
أنا لا أعترف بمساحة مبتورة كالمذكورة في كتاب مادة الجغرافيا، ولا الجغرافيا التي قرروها في لجنة الحوار الوطني.
أعود إلى الحجة مسعدة التي كانت تثابر للحضور يومياً إلى ملعب القرية لتخرج أبناءها الثلاثة من فريقنا وتعود بهم للبيت لأجل يكتبوا الواجب المدرسي. مباريات كثيرة فركشتها علينا الحجة مسعدة وخسرناها أيضاً.
 يا حجة مسعدة، أطفالك الآن يرتزقون في صف السعودية. ويكتبون الواجب ضد وطنهم!
أوعدك هذه المرة لن نهزم كما السابق، هذه المرة سنكتب الواجب الوطني، واجب الدفاع عن الوطن فقط.
أما أنت يا حاج مسعد ليتك تخلصت من حيواناتك المنوية في أطرف زغط، أهون من أن تقذفهم للارتزاق مع السعودية في الحدود! 
أما أنتِ يا حجة مسعدة ليتك فعلتِ لولب أو ما شابه، للحد من إنجاب المرتزقة! ليتك أجهضتِ أبتهم واحدا تلو الآخر! ليتك ما التهمتِ تنك طحينية في سبيل إشباع خورة الوحم! 
هل أنتِ مقتنعة أنك فعلتِ كل ذلك لتضعي هؤلاء "الجراوة" المرتزقة؟!
عملية الإنجاب حدثت. 
وأنا لا أريد سماع المحايدين الفرغ وهم يبررون لاستمرار عملية تحشيد المرتزقة للحدود، وأن صعوبة الوضع والفقر هو الذي أوصلهم لذلك!
يا حاج مسعد، مهما وصل بك الحال والوضع أنت وأبنائك، فإن ذلك ليس مبرراً لتسمح لهم بالذهاب للارتزاق وقتال إخوانهم اليمنيين الذين يدافعون عن الوطن.
تنويه: الأسماء من وحي خيال الكاتب ولا تطابق أية شخصيات في أرض الواقع.

أترك تعليقاً

التعليقات