عبد الحافظ معجب

عبد الحافظ معجب / لا ميديا -

يوم واحد فصل بين جريمتين متشابهتين، والفاصل بينهما 49 عاماً، ولكن المجرم والفاعل واحد والسلاح واحد والمدرسة واحدة. الجريمة الأولى كانت في صباح الثامن من أبريل عام 1970، عندما قصفت طائرات "إسرائيلية" من طراز فانتوم الأمريكية مدرسة بحر البقر في قرية بحر البقر بمركز الحسينية بمحافظة الشرقية في مصر، ما أدى إلى استشهاد وإصابة 80 طفلاً. أما الجريمة الثانية فقد كانت في السابع من أبريل للعام 2019 عندما قصفت طائرات أمريكية سعودية متصهينة حي سعوان بالعاصمة صنعاء ما أدى إلى استشهاد وإصابة أكثر من 100 جلهم من طالبات مدرسة الشهيد الراعي الواقعة في الحي ذاته. 
مرت السنوات والاعوام، وتغيرت الأنظمة والدول، ولكن الارهاب لم يتغير، والوحشية لم تتغير، لأن منبعها واحد ومشروعها واحد، غير ان المتغير اليوم أن المجرم الفاعل يعترف بجرم ما اقترف وثمة يمنيين باعوا ضمائرهم للشيطان يصرون على أن يغسلوا يده من دماء أطفالنا بتبريرات سخيفة، يتقزز منها الفاعل قبل اهالي الضحايا.
في جريمة مدرسة بحر البقر نددت مصر بالعملية الإرهابية ووصفتها بالعمل الوحشي الذي يتنافى تماماً مع كل الأعراف والقوانين الإنسانية، متهمة "تل أبيب" بشن الهجوم عمداً بهدف الضغط على القاهرة لوقف إطلاق النار في حرب الاستنزاف، فيما بررت "إسرائيل" أنها كانت تستهدف أهدافاً عسكرية فقط، وأن المدرسة كانت منشأة عسكرية مخفية! سبحان الله والتشابه! حتى الرياض بإعلامها المتبجح بررت جريمة مدرسة "الراعي" بأنها استهدفت منشأة عسكرية ومعملاً لتصنيع الصواريخ والطائرات المسيرة، ولكن مرتزقة وعملاء الصهاينة لم يفعلوا كما فعل عملاء الرياض وأبوظبي...
أثار الهجوم "الإسرائيلي" حالة من الغضب والاستنكار على مستوى الرأي العام العالمي، ولكن الموقف الرسمي الدولي كان ولايزال سلبياً ولم يتحرك بحجم الجريمة، إلا أن تأثير الرأي العام تسبب في إجبار الولايات المتحدة ورئيسها "نيكسون" على تأجيل صفقة إمداد "تل أبيب" بطائرات حديثة، كما أدى الحادث إلى تخفيف الغارات "الإسرائيلية" على المواقع المصرية، والذي أعقبه الانتهاء من تدشين حائط الصواريخ المصري في يونيو من نفس العام، والذي قام بإسقاط الكثير من الطائرات "الإسرائيلية"، وانتهت العمليات العسكرية بين الطرفين بعد قبول مبادرة "روجرز" ووقف حرب الاستنزاف.
في جريمة حي سعوان بصنعاء عمل الكثير من "الأمنيين" بغباء وجهل منقطع النظير على حجب المعلومة ومنعوا مراسلي كثيراً من وسائل الإعلام العربية والأجنبية من الوصول إلى الضحايا ومكان الحادثة، وهذا الفعل غير المبرر حجب الحقيقة عن الرأي العام العالمي، وحرم الضحايا من الحصول على حقهم في التضامن والتنديد بالجريمة.
صحيح أن الجريمة لم تأخذ حقها الطبيعي في الوصول إلى الرأي العام الدولي والعالمي، لكن القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير سيمنح الضحايا حقهم بالثأر، ولن تنطفئ نيران قلوب اليمنيين وأرواحهم قبل أن تشتعل النيران في عواصم العدو الذي أشعل هذه النار، ولا بد من أن يكتوي بها، "وما تموت العرب إلا متوافية".

أترك تعليقاً

التعليقات