طي صفحة البشير
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / لا ميديا -

وحيداً بمعية الله والمخلصين من أبنائه في الخارج وسط خذلان عربي وتآمر عربي دولي عليه، ينهض الشعب السوداني العظيم ومن غياهب موته القسري، ليقوم بدوره ويتحمل مسؤولياته ويقوم بثورة شعبية سلمية فريدة من نوعها ضد سلطة موغلة بعمالتها للخارج، فريدة من نوعها أنفذت فيه مشاريع العدو وتوجيهاته وتوصياته، ومارست فيه ما لم يقدر عليه الشيطان نفسه من فتن وحروب وقتل وتقسيم ما لم ينفذ في شعب آخر.
منذ 100 يوم و10، وبصبر وثبات ودأب ومثابرة ليس معه إلاّ الله وإيمانه بحقه وإرادته، يقوم الشعب السوداني بثورته ضد البشير وسلطته وجماعة التمكين الإخوانية، وبنفس طويل على السلمية وتحت شعار «مليون شهيد بعهد جديد»، توّجها في 6 أبريل بحشود مليونية نحو قصر الضيافة مقر البشير، ودخله، ونحو القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة، واستقر بساحتها، وبزخم وتأييد شعبي كبير، ما فرض على الجيش السوداني التحامه بالشعب وثورته وحمايته لها من بطش مليشيات شرطة وأمن البشير، فنزل الجيش للشارع تزامناً مع مظاهرات ومواكب الشعب الثورية الزاحفة للقصر، ومنع بالقوة تلك المليشيات من الاعتداء على الشعب، وفرض عليها الانسحاب، وهذا منجز آخر يضاف لإنجازات الشعب الثائر وثورته، ما اضطر البشير للتواري عن الأنظار والاختفاء وعدم إلقائه الكلمة المقرر إلقاؤها السبت 6 أبريل، لتجتمع بعدها قيادة الجيش بشكل متكرر ولاتزال، ولايزال الثوار مرابطين بساحاتهم حول القصر والقيادة العامة للجيش حتى تحقيق مطلب الثورة بسقوط البشير وسلطة نظامه التي تضاربت الأنباء بشأن مصيره.
هذه الثورة التي لم يساندها أحد من الخارج الشرقي والغربي على حد سواء، ولم يرحب بها أحد من أشقاء وأصدقاء، شقت طريقها بقدرات ذاتية، وقطعت 80% من مشوارها نحو بلوغ أهدافها، مفسحة المجال للجيش للاضطلاع بدوره لإتمام المهمة. وبما أن قيادة الجيش ليست متجانسة تماماً بما تضم من قيادات منتمية تماماً للنظام، فهذا قد يبطئ سرعة الإنجاز، والتخوف من تدخل خارجي في أوساط القيادة مستغلاً هذه الثغرة للالتفاف على الثورة من خلال فرض مجلس عسكري انتقالي توافقي يعيد خلق النظام مجدداً بما يشبه «المبادرة الخليجية» في أوساط الجيش، أما البشير فقد تجاوزته الثورة وطويت صفحته في 6 أبريل، وأصبح من الماضي.
وهنا لا يوجد خوف جدي على الثورة، فدور الشعب الثائر حاضر في حراسة ثورته من الانقضاض عليها وسرقتها، فشعب استطاع دون منة من أحد المضي في ثورته وإنجاحها، هو قادر على حراستها وحماية إنجازاته والبناء عليها حتى تحقق أهدافها وتحقق تطلعاته والوصول بها إلى غاياتها. وللشعب السوداني تجارب وإرث وتاريخ في الثورات الشعبية السلمية لم يسبقه إليه أحد. وكما عزم الشعب على إنجاح الثورة منذ انطلاقها في 19 ديسمبر 2018م، فإن عزمه اليوم أكبر في الوصول للنصر النهائي وفقاً لما يريد، وليس وفقاً لإرادة الخارج وسلطة وصايته. 

أترك تعليقاً

التعليقات