أين الحكمة اليمانية؟!
 

محمد عبده سفيان

أثبتت الأحداث والوقائع التي شهدها وطننا منذ قيام الثورة اليمنية، أن الخلافات والأزمات والصراعات التي حدثت سواء في ما كان يعرف بـ(الشطر الشمالي والشطر الجنوبي) قبل إعادة توحيد الوطن اليمني أرضاً وإنساناً في 22 مايو 1990م، أو في ما بعد الوحدة، لا يمكن حلّها إلا بإرادة يمنية صادقة من خلال إعمال الحكمة اليمانية التي شهد بها لليمنيين خاتم اA271;نبياء والمرسلين الذي لا ينطق عن الهوى محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، بقوله: (اA273;يمان يمان والحكمة يمانية)، وتحكيم العقل والمنطق  والعودة الى جادة الصواب وتغليب المصلحة الوطنية على ما عداها من المصالح الشخصية والحزبية والفئوية الضيقة.
أما الحلول الخارجية فكل اA271;حداث والدلائل والوقائع تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنها غير مجدية، لأنها لا تتوافق مع خصائص المجتمع اليمني، كما أنها تفتح الباب واسعاً للتدخُّلات الخارجية في الشؤون الداخلية، وتعقيد اA271;مور والدفع بها نحو المزيد من التأزيم، وواقع اليوم والحال الذي وصلنا إليه منذ اندلاع الأزمة العصيبة مطلع العام 2011م، خير شاهد، فقد رفضت اA271;طراف المطالبة بإسقاط النظام (حزب اA273;صلاح وشركاؤه في اللقاء المشترك) كل المبادرات المحلية التي قدّمت من قبل القيادة السياسية آنذاك لتشكيل حكومة وحدة وطنية ونقل السلطة سلمياً، وأصرت تلك اA271;طراف على أن أي اتفاق لابد أن يكون برعاية دولية، فتم التوافق على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمّنة لإنهاء الأزمة اليمنية، والتي تم التوقيع عليها برعاية مباشرة من الأمم المتحدة والدول الـ5 الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ودول مجلس التعاون الخليجي، وكأن الاتفاق بين دولتين متنازعتين وليس بين طرفين يمنيين مختلفين، فتم تعيين ممثّل للأمين العام لأمم المتحدة إلى اليمن ليكون مشرفاً مباشراً على تنفيذ المبادرة، إلى جانب سفراء الدول الـ5 الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ودول مجلس التعاون الخليجي، والتي بموجبها أصبحت الأبواب مفتوحة على مصاريعها للتدخُّل الخارجي في الشؤون الداخلية لبلادنا بحجة الإشراف على تنفيذ المبادرة التي أصبحت بمثابة (مسمار جحا)، فقد أعطت مبرّراً لأن يتم التدخُّل الخارجي في كل شؤون وطننا وشعبنا اليمني.
وبدلاً من العمل على إخراج الوطن والشعب من دوامة اA271;زمة العاصفة الى بر اA271;مان، تم العمل على تعقيد اA271;مور من خلال خلط اA271;وراق في لعبة دولية قذرة مهدت الطريق لشن العدوان البربري الغاشم وفرض الحصار الجوي والبري والبحري الجائر من قبل أنظمة الشر العربي بقيادة مملكة بني سعود، بدعم مباشر من دول الشر العالمي، وفي مقدمتها أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني، وبموافقة ومباركة من مجلس اA271;من الدولي (مجلس الحرب الدولي) واA271;مانة العامة للأمم المتحدة التي لم تحل مشكلة ولم تُنهِ حرباً منذ تأسيسها، بل أصبحت تشرعن للحروب وشن العدوان والغزو والاحتلال للدول الصغيرة من قبل دول الاستكبار العالمي، كما حدث لفلسطين ولبنان وسوريا والعراق وليبيا وأفغانستان والصومال، وما يحصل اليوم في بلادنا من عدوان وغزو واحتلال منذ مارس العام 2015م، من قبل تحالف العدوان السعودي.
أجزم أن الرهان على الأمم المتحدة في إنهاء العدوان والحصار وإخراج وطننا وشعبنا إلى بر الأمان، هو رهان خاسر، لأن الأجندة الخارجية تريد إطالة أمد اA271;زمة والحرب الداخلية والعدوان السعودي، وخلق أزمات جديدة، وهذا ما هو ملموس في الواقع المعاش، ولذلك فإنه يتوجّب على كل القوى السياسية والاجتماعية وكل أبناء اليمن دون استثناء، استشعار الخطر الداهم الذي يتهدّد الوطن وأمنه واستقراره ونسيجه الاجتماعي ووحدته واستقلاله وسيادته الوطنية وسلامة أراضيه جرّاء الحرب الملعونة والعدوان السعودي والتدخُّلات الخارجية.
على الجميع أن يتعظوا مما يجري في العراق وسوريا وليبيا والصومال جرّاء العدوان الخارجي والحروب الداخلية والتدخل اA271;جنبي في الشؤون الداخلية، حيث أصبحت التنظيمات اA273;رهابية والجماعات المتطرفة التي أنشأتها ومولتها بالمال والسلاح أمريكا والكيان الصهيوني ومملكة بني سعود الوهابية، تعيث فساداً في اA271;رض لخدمة الصهيونية العالمية، فالمهمة اA271;ساسية لهذه التنظيمات اA273;رهابية والجماعات المتطرفة هي تدمير الشعوب العربية من داخلها ليتم تنفيذ المشروع الصهيوني المتمثل بـ(الشرق الأوسط الكبير) أو بالأصح (الشرق الصهيوني الكبير).
على جميع اليمنيين تغليب الحكمة اليمانية وإعمال العقل والمنطق A273;طفاء نار الفتنة المشتعلة وإنهاء الحرب المستعرة وحل الخلافات القائمة وإنهاء الأزمة الطاحنة والمتفاقمة منذ مطلع العام 2011م.
يجب الاعتماد على الذات في إيجاد الحلول الناجعة لها دون الاعتماد على الحلول الخارجية التي لا تأتي إلا وفق ما تقتضيه مصالح تلك الدول.. ألم يصرّح ممثّل الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن السابق جمال بنعمر، وخلفه إسماعيل ولد الشيخ، وسفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس اA271;من، مراراً وتكراراً، أن حل الأزمة اليمنية لا يمكن أن يتم إلا بإرادة وطنية يمنية صادقة..؟ فلماذا يصر أولئك السادرون في فلك حكام مملكة بني سعود وإمارات الخليج، على أن الحل لن يكون إلا بقوة السلاح وتحالف العدوان السعودي والتدخُّل الأجنبي؟! 
أما يكفي عام و10 أشهر من المواجهات المسلحة والعدوان والحصار من قبل تحالف الشر السعودي الصهيوأمريكي..؟ أما يكفي كل هذه اA271;رواح البريئة التي أزهقت والدماء الزكية التي سفكت، وكل هذا الدمار والخراب الشامل الذي طال كل مقدرات الوطن وممتلكات المواطنين والشجر والحجر، لكي تراجعوا حساباتكم وتثوبوا إلى رشدكم وتعودوا إلى جادة الصواب..؟

أترك تعليقاً

التعليقات