بريطانيا واتفاق ستوكهولم
 

خالد العراسي

خالد العراسي / لا ميديا -

لا يوجد أي سبب إنساني وراء حوار ستوكهولم، ولو كان إنسانياً لما خلت نتائج الاتفاق من حل أي ملف إنساني، وعلى رأسها كارثة انقطاع المرتبات، ولما تم عرقلة اتفاق تبادل الأسرى، رغم أنها الملفات الوحيدة التي يفترض أن لا يعيقها شيء، الا أنها وغيرها من الملفات الإنسانية المؤجلة عبارة عن كروت يستخدمها العدوان للمساومة في الملفات السياسية والعسكرية، وأيضاً -وهو الأهم- تم تأجيلها لتشكل ضماناً لتنفيذ اتفاق ستوكهولم، حيث كان شرط الانتقال إلى جولة أخرى من المفاوضات هو تنفيذ اتفاق ستوكهولم، بمعنى: إن أردتم الوصول إلى الاتفاق الكلي والشامل فعليكم تنفيذ الاتفاق الجزئي، بذريعة أن ذلك سيمهد الطريق أمام حل بقية الملفات العالقة، وباعتباره البداية التي يجب تجاوزها للوصول إلى منتصف ونهاية الطريق.
لكن البداية وصلت إلى طريق مسدود، ولاحظنا بشكل واضح آلاف الخروقات التي قامت بها قوات العدوان بغرض الضغط على وفدنا الوطني ولجنة التنفيذ للقبول بأي طريقة وأي خطوات لتنفيذ الاتفاق.
وتحركت بريطانيا بشكل مكثف ومباشر في مجلس الأمن، وعن طريق عقد عدة لقاءات تصب في مجملها بضرورة تنفيذ اتفاق ستوكهولم، وصرحت بريطانيا بأن فشل الاتفاق سيؤدي إلى تدخلها لتنفيذه.
وقد يتساءل البعض عن سبب فشل الاتفاق أو تأخر تنفيذه، لاسيما بعد توقيع الطرفين عليه، فما العائق أمام التنفيذ؟
العائق يكمن في خطوات وخطة التنفيذ، وهو ما تعمدت الأمم المتحدة عدم الخوض في تفاصيله قبل توقيع الاتفاق، باعتبارها تفاصيل سيتم التفاهم عليها لاحقاً، وتم تشكيل لجنة تحدد خطوات وآلية إعادة الانتشار. وعلى الرغم من سهولة وضع الآلية إلا أن ممثلي العدوان في اللجنة رفضوا كل المقترحات التي تقدم بها ممثلو الوفد الوطني في اللجنة، ولم يقدموا أي رؤية خاصة بهم، مما أدى إلى تكليف رئيس الوفد العسكري المكلف بمراقبة التنفيذ بوضع آلية. وهو ما كان مخططاً له، فمصلحة بريطانيا والتحالف تكمن في تنفيذ اتفاق ستوكهولم وفق تفاصيل يتم فرضها تؤول نتيجتها إلى خروج كلي وشامل للجيش واللجان من الحديدة والساحل. 
لذلك في كل مرة كانت تصرح بريطانيا عن أهمية تنفيذ الاتفاق من خلال انسحاب الحوثيين (كما سمتهم) ولم تذكر شيئاً عن خروج قوات الإمارات والسعودية أو قوات ما تسمى بالشرعية، كما لم تتطرق إلى إعادة الانتشار.
بمعنى أن اتفاق ستوكهولم لم يكن أكثر من فخ سياسي تريد بريطانيا أن تصل من خلاله إلى استكمال السيطرة على خط الملاحة والمنافذ البحرية وإبعاد الجيش واللجان والقوات البحرية اليمنية عن كل مناطق الساحل الغربي، بعد أن تمكنت من السيطرة على سواحل الجنوب ومنافذه البحرية.
 ولو لم يكن الأمر كذلك لما استمرت عراقيل التنفيذ دون الاشارة إلى الطرف المعرقل، ولما رفضوا كل الرؤى المتعلقة بإعادة الانتشار باستثناء رؤيتهم واطروحتهم الوحيدة التي يرفضها المجنون قبل العاقل، والتي نصت على انسحاب الجيش واللجان لمسافة 15 كيلومتراً مقابل انسحاب قوات العدوان ربع كيلومتر فقط، وهكذا إلى أن ترى قواتنا نفسها خارج إطار الحديدة كلياً، بينما قوات العدو بداخلها، سواء كانت تلك القوات المتواجدة في الساحل أو قوات أخرى يتم إدخالها عن طريق البحر، وعندها سنتحول من مدافعين عما تحت أيدينا، إلى مهاجمين لتحرير ما انتزعوه منا بالسياسة، لكنها ستكون من أصعب المعارك، فالتحالف الشيطاني الذي ضحى بالكثير لاقتحام واحتلال الحديدة سيضحي بأضعاف ذلك في سبيل الحفاظ عليها عندما تكون تحت سيطرته.
لكن الله عز وجل جعل كيدهم في نحرهم، فكل تلك القوة الموكلة باقتحام الحديدة باتت خاملة ومنقسمة ومشتتة وينهب ويبيع قادتها معدات وآليات العدوان بشكل يومي. وما حدث في السودان بهذا التوقيت تسبب في رغبة مرتزقة الجيش السوداني بالعودة إلى وطنهم، بينما كرس أبطال الجيش واللجان جهدهم في تحرير الارض من محاور أخرى، وحققوا نتائج طيبة جداً خلال فترة زمنية قصيرة، ولا تزال المعارك مستمرة والتقدم مستمر حتى تحرير آخر شبر من أرض الوطن بفضل الله وعونه وقدرته، ثم ببسالة رجال الرجال الذين سطروا أروع ملاحم التاريخ في الدفاع عن الوطن ودحر المحتل.

أترك تعليقاً

التعليقات