من المحراب
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم  الوشلي / لا ميديا -

أمر طبيعي جداً أن أسأل نفسي: ما الذي أفعله في هذا المكان؟! الشمس تكاد تخترق رأسي وتصل بحرارتها اللاسعة إلى أدنى مكان في جسدي. والعرق يفيض من كل موضع دون انقطاع. الأرض هي الفراش، والسماء هي اللحاف. والحقيقة أنه لا حاجة لأي لحاف هنا، فلو استطعت لانتزعت جلدك من شدة الحرارة.
الجميل في هذه المنطقة أنها تجبرك على ترديد دعاء الاستعاذة من نار جهنم، وما أجمل المناجاة والتضرع إلى الله في أجواء إيمانية روحانية كهذه! وليست أصوات القذائف والمدافع إلا تسابيح جهادية إلهية، ولكن بعدها تتساءل عن سبب تواجدك في الساحل الغربي، ولن تجد جواباً لتساؤلك، والسبب أنه سيجدك هو في أقل من ثانية.
لقد قال لي الأخ الجواب إنني جئت إلى هنا لكيلا يحدث لأهل الحديدة ما حدث لإخوتنا في منطقة الأزارق بالضالع.
وكنت قد سمعت عبر صوت الجيش واللجان الشعبية إذاعة "21 سبتمبر" أن قوى البغي والإجرام اقتحمت مسجداً في الأزارق بالضالع وقتلت عدداً من المصلين بكل دم بارد. أما الجرم العظيم الذي اقترفه الضحايا فهو إقامتهم مناسبة عيد الفطر المبارك في يوم الأربعاء مع سائر إخوانهم المسلمين.
استمعت بعدها عبر الإذاعة الجهادية ذاتها لرسالة السيد القائد إلى المرابطين في ميادين الجهاد. كل حرف في هذه الرسالة المباركة يسمو بالمعنويات إلى أعالي السماء. وقررت هنا أن أقلع عن الحديث مع نفسي لسبب لا أعرفه، واتجهت فوراً لسؤال رفيقي في المتراس عن سبب تواجده معي في هذا المكان، فأخبرني بعد ابتسامة قصيرة أنه قابع هنا منذ أن طالت أيادي الغزاة المحتلين النجسة حرائر التحيتا، ولا أخفيكم أنه عازم على المكوث في قلب المواجهة حتى الاقتصاص من كل قدم خبيثة حاولت غزو التراب اليمني.
لم أكتف بهذا القدر، وذهبت باحثاً عن إجابات أكثر في بقية المتارس. قال لي أحد المجاهدين وهو من أبناء تهامة إنه لن يسمح لشذاذ السعودية والإمارات بتكرار سجونهم السرية هنا في الحديدة، ويكفينا ما رأيناه من جرمهم وطغيانهم في محافظة عدن. وآخرون انطلقوا فور رؤيتهم جرائم طيران العدوان بحق الأطفال والنساء، إلا أن الجميع متفق تماماً على أن العيد ليس عيداً إلا بمعية الرحمن في المحراب الأقدس، حيث الكرامة لا تنتهي ولا تغور.
لا أدري إن كانت ستصل إليكم هذه الكلمات المكتوبة ورقياً، ولكني تعلمت من هؤلاء العظماء أن لا غنى عن السلاح، وقلم لا ترافقه بندقية جهاد لا يستحق أن يكون قلماً.
فلتذهب التساؤلات إلى حيث تذهب، ولتكن أعيادنا نحن اليمانيين.. في جبهات المواجهة.

أترك تعليقاً

التعليقات