ضاعت فلوسك يا سلمان
 

عبد الحافظ معجب

جيش جرار من المحللين والصحفيين والباحثين والخبراء المتخصصين انتشروا بسرعة البرق في محطات التلفزة، وللحظة شعرت بواحدية الحملة وأسلوب تنظيمها عندما كانت قنوات العدوان ووسائل الإعلام الموالية لتحالف بني سعود تروج لخبر الانتصار المزعوم والتحرير الكاذب.
حتى المفسبكين من عيال العاصفة وحريم السلطان بدون حياء أو خجل يتبادلون التهاني والتبريكات بمناسبة الانتصار الأكبر في مدينة وميناء المخا.
كل هذه (الزقرعة) والهنجمة لم تستمر يومين، لأن الانتصارات الإعلامية لا تدوم، وحبل الكذب قصير جداً، هذا طبعاً لأصحاب الذاكرة المثقوبة، وللذين صدقوا (العربية) و(الجزيرة) وادعاءاتهم بالتقدم في ميناء المخا، أما الذين يتذكرون فيستحضرون مسلسل الكذب لوسائل إعلام العدوان، وهي تعلن السيطرة على مأرب وإسقاطها لنهم والاقتراب من (ميناء صنعاء!) واحتفالات ما سموه تحرير تعز وسيطرتهم على باب المندب لأكثر من 3 مرات وإسقاطهم للجوف 4 مرات، واحتلالهم الضالع وشبوة وفرض سيطرتهم على ميدي واقترابهم من مدينة صعدة بعد أن أسقطوا مديرياتها الحدودية.
ولا أعتقد أن مسلسل الكذب والتضليل سينتهي في المخا، فالإفلاس الحقيقي على أرض المعركة يدفعهم باستمرار الى تحقيق الانتصارات الإعلامية.
الكارثة الحقيقية أن هذه الانتصارات المزمنة (مش بلاش) وتكلفتها باهظة جداً، والهلال الأحمر لا يزال يبحث عما تبقى من جثث المرتزقة الذين سقطوا أثناء محاولة الزحف الفاشلة على المخا بعد أن انتشل عشرات الجثث خلال اليومين الماضيين.
هذه طبعاً التكلفة البشرية، أما التكلفة المادية للانتصار المزعوم في المخا فهي ملايين الدولارات قيمة عشرات الآليات والمدرعات التي أحرقها الجيش واللجان الشعبية، بالإضافة الى ما يزيد عن 150 مليون دولار قيمة الصواريخ وتكلفة الغارات التي شنها تحالف العدوان على المخا خلال 24 ساعة لتمكين مراسلي (الجزيرة) و(العربية) من تصوير تقاريرهم التلفزيونية بالقرب من مدينة الجديد.
ما يفعله العدوان السعودي الأمريكي في اليمن لم يحدث في كل الحروب التي دونها التاريخ في كل دول العالم، 30 غارة جوية وأكثر من 150 صاروخاً أطلقتها البوارج على مدينة وميناء المخا خلال يوم واحد، تكلفة الغارة الواحدة تصل الى 800 ألف دولار، أما الصواريخ التي تطلقها البوارج وهي من نوع (توماهوك) وتكلفة الصاروخ الواحد مليون دولار، وصواريخ (كروز) الذي تشتري السعودية الصاروخ الواحد بمبلغ 580 ألف دولار.
يعني لو نحسب تكلفة الغارات 30 غارة × 800 ألف= 24 مليون دولار، ولو حسبنا قيمة الصواريخ نوع (كروز) 150 صاروخاً × 580 ألفاً = 127 مليوناً و500 ألف دولار، أما لو افترضنا أن الصواريخ جميعها من نوع (توماهوك) يعني 150 صاروخاً × مليون دولار = 150 مليون دولار.
بأقل التقديرات ومع التخفيضات، فإن إجمالي قيمة 4 الى 5 تقارير تلفزيونية مضللة كلفت خزينة العدوان خلال يوم واحد 200 مليون دولار، وباليمني 60 مليار ريال، وبالأخير تصل عدسة الإعلام الحربي الى داخل مدينة المخا، وتجري مقابلاتها التلفزيونية على مرسى الميناء التاريخي، لتنسف كل هذه الادعاءات، وتقرح فلوس السعودية جو، وضاعت فلوسك يا سلمان.
وبعد كل هذه الخسائر البشرية والمادية لنفترض أن ادعاءات السيطرة على المخا كانت حقيقية، ما الذي سيتغير في المعادلة السياسية بعد عامين من الحرب والتدمير وادعاءات السيطرة على 90% من الأراضي اليمنية؟ هل السيطرة على المخا ستسقط صنعاء، أم ستعيد الدنبوع الى دار الرئاسة؟
العدو الإسرائيلي احتل سيناء واجتاح لبنان، وكذلك الجيش الأمريكي احتل العراق بالطول والعرض، ولكن النتيجة المعروفة سلفاً أن مصير الغازي والمحتل هو الطرد أو القتل، واليمن مقبرة الغزاة.

أترك تعليقاً

التعليقات