سئمنــــــــا
 

عمر القاضي

عمر القاضي / لا ميديا -

سئمنا يا سامي كل شيء. سئمنا الصبر والانتظار. سئمنا البقاء والهروب والحروب، التقدم والتأخر وعودة الرواتب والاختبار المر. سئمنا طرقات المؤجرين وموجز الأخبار وجروبات الواتس والوزراء والتجار... إلى أين ننزح يا سامي؟! إلى العالم القبيح الذي سيسألنا هكذا: أنتم نازحين أم هاربين من بلاد الحرب؟ وما الفرق إن كنا نازحين أو هاربين؟! لماذا لا يستقبلونا كناجين فقط؟! كيف أرد على سائل أحمق غريب يريد معرفة الفارق بين الهروب والنزوح، وأنا سئمت من كل شيء، من التحليل والتعقيب والأخبار والرد وتوضيح الفارق للحمقاء...؟! 
أنا النازح والهارب معاً من القصف والحرب التي أشعلها غزاة قذرون يعيثون في بلادي دماراً، يشبهون أنفسهم وهذا السائل تماماً، السائل الذي يعرف أننا من بلاد الحرب، ولا يكتفي بهذا. 
أنا النازح والهارب والناجي معاً من بين القصف والركام، من الكوليرا وتجار المنظمات، ومن قصف التحالف وجرائمه التي لا تحصى!
أنا الهارب من صراخ الجراحى والأمهات اللائي فقدن أطفالهن في غارات ينفذها طيران التحالف القذر في الصباح والمساء. كيف نهرب إذاً يا سامي؟! يرضيك أن نترك خلفنا وطن الأصالة والطفولة والذكريات و... الخ؟! يرضيك نترك خلفنا المعاناة والحزن؟! هذا ما يريدونه منا.
سنبقى هنا رغم هذا الحزن والويل والجحيم الذي نسميه انتصاراً. مطاراتنا مغلقة والرواتب والكهرباء منقطعة. ثرواتنا وجوازاتنا وهوياتنا الشخصية يبيعونها مرتزقة الاحتلال في السوق السوداء بأسعار باهظة. سنبقى هنا.
هل انتصرنا يا سامي! والحصار القاتل مازال حصاراً لا داخل يخرج ولا خارج يعود؟! هل انتصرنا يا سامي برفع الدولار والأسعار وتدهور عملتنا؟!
يا سامي، يا صديق المعاناة والسلف والدين.
أنا سأبقى هنا في وطني، أنزح من مكان إلى آخر. ولن أهرب إلى وطن آخر أتسول الغرباء. سأبقى هنا صامداً عزيزاً مكرماً أبياً يقارع الغازي والتدخل، وأنت سمي ذلك احتضاراً أو انتصاراً، كما تشاء!

أترك تعليقاً

التعليقات