«نشتي نعيش»!
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / لا ميديا -

ما بين مد العدوان وجزره تظهر النغمات، ولكل مرحلة نغمتها لدى مرتهني ومرتزقة العدوان. وهذه النغمة المقررة تتردد على مسمعك شئت أم أبيت، بمناسبة وغير مناسبة. ونغمة هذه الأيام هي: كيف شتعملوا بنا؟! به حل هيه وكيف؟! نشتي نعيش!
عبارة أو نغمة تسمعها وأنت تتكلم عن السودان أو سورية أو فنزويلا أو تتكلم في الكيمياء أو الفيزياء... لا يهم عماذا تتحدث، المهم تكلم بأي شيء أو عن أي شيء إلا وأحدهم قد دخل لك بجملة اعتراضية لا تشبه حديثك من قريب ولا من بعيد، ولا تشبه أي شيء سواه ومشغليه. ليست جملة عفوية، وليست جملة مألوفة أو ثقافة شعبية، وليس لها أي صلة بثقافة هذا الشعب، نغمة عدوانية شيطانية دخيلة على مجتمعنا، متماهية مع العدوان الصهيوأمريكي الأصيل بأدواته السعوإماراتية وتحالفه، ومرافقة له وجزء أصيل منه (الجزء الناعم). تقول له: العمى بعيونك، تشتي تعيش كيف وانت عايش معنا وبيننا؟! يقول لك: أيش من عيشة؟! واحنا عايشين؟! عندها تدرك أنه لا يريد أن يعيش معك بعزة وكرامة، بل باختصار شديد يريد أن يعيش عميلاً مع العدوان خائناً لله ولنفسه ولأهله وشعبه ووطنه، اللعنة!! (إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)، فعلاً هذا هو زمن كشف الحقائق وسقوط الأقنعة.
إن النغمة أو العبارة أو الجملة نوع من الحروب لا تختلف كثيراً عن الحروب المرافقة للعدوان المباشر من الحرب الإشعاعية والنووية والجرثومية القاتلة للإنسان والأرض والبيئة والتي كان ولايزال العدوان سخياً جداً بها علينا وحريصاً على فتح كل المنافذ والطرق لإيصالها إلينا رغم فرضه حصاراً شاملاً من البر والبحر والجو علينا، إلاّ من هذه الأفكار والمصطلحات، وهي بضاعته، فحيثما ذهبت أو وليت وجهك تجد هذه البضاعة متوفرة في الطريق، في الحديقة، في أي مكان عام أو مطعم أو بوفيه أو مدرسة أو أي مؤسسة خاصة أو حكومية أخرى، في باصات النقل، في سيارة الأجرة، في السوق... تجدها سلعة متوفرة بكثرة يغدق بها العدوان علينا بسخاء منقطع النظير ليغرقنا بها. وهذا النوع من حرب المصطلحات ليست عابرة بل معدة بطريقة منهجية، عن طريق متخصصين وسوقها العدو لنا عبر منافقيه في أوساطنا، غُسلت لأجلها أدمغة وجندت لها أموال وبشر وتقنية وسويت لها بيئة حاضنة ويتم نشرها بالمغفلين وضعاف النفوس الذين يتم شراؤهم بالمال وغيره.
إن هذه المصطلحات ليست خطيرة بذاتها، ولكن خطورتها أنها مدخل ومقدمة لما بعدها من تشويش وتثبيط للهمم لدى شريحة من المجتمع سلب منها نظام الحكم الوصائي وعيها بشكل ممنهج وأعد لها البيئة المناسبة للنمو.
إن العميل يقولها كخائن أو مستخدم من قبل خائن ويسعى بكل ما لديه من أوهام وأباطيل لتكون معه عميلاً وخائناً لنفسك وفطرتك ولله ولدينك ووطنك وشعبك وأرضك وبائعاً لعرضك، لكن هيهات منا ذلك في ظل ثورة الوعي، وبيئة الثقافة القرآنية.

أترك تعليقاً

التعليقات