أحمد عارف الكمالي

أحمد الكمالي / لا ميديا -

من المقزز سماع أو مشاهدة إعلاميين خليجيين وهم ينصبون أنفسهم مؤرخين وعلماء في علم الاجتماع والسياسية، عندما يتحدثون عن وحدة اليمن ومستقبله بالتزامن مع الأحداث التي تدور في جنوب الوطن.
إعلاميو الاسطوانات المشروخة والتدليس يشتغلون في تأطير مشروع التقسيم ويجهدون أنفسهم في تقديم مبرراته، وبكل وقاحة يطلعون باقتراحات من قبيل وجوب تقسيم اليمن. فبحسب زعمهم اليمن لم تكن موحدة تاريخياً والوحدة لم تكن اختيارية، فيما يصل بعضهم إلى إنكار وجود الهوية اليمنية كهوية جامعة للشعب اليمني!
إعلاميو "دول قبل أمس" لا يكتفون بالتدليس على حقائق وتاريخ اليمن، بل يتحدثون وكأنهم من دول ديموقراطية لم يكن الاستعمار هو من كونها ونصب ملوكها ورسم حدودها، وكتب النفط تاريخ عمالتها وقذارتها وخضوعها، وأكثر من ذلك يسعون إلى إعادة تعريف اليمن ضمن مشروع الاستعمار نفسه كوطن مفتت من سلطنات وإمامات ومشيخيات.
الإعلام السعودي، الذي يعمل على تغطية الخلافات بين مرتزقة وأدوات التحالف بالجنوب، يحاول إظهار الخلاف كشيء طبيعي وواقع في المشهد اليمني، وأنه خلاف يمني داخلي بين اليمنين، لا دخل للتحالف في صناعته وتغذيته وتنفيذه.
فالسعودية تريد تقديم الأحداث الدائرة في الجنوب وكأنها خارج عن إرادتها وسيطرتها، لدرجة تسمح لها بأن توصف كضعيفة ومخدوعة ومغلوبة على أمرها!
ومن ثم يتم تمثيل خلاف بين السعودية والإمارات ينعكس كخلاف حقيقي بين أدواتهما ينتج عنه تقسيم لمواقع النفوذ وتغيير بالخريطة الجغرافية والسياسية، وعلى ضوء نتائجه يتم فرض مشروع الأقلمة كأمر واقع، والذي فشلوا بتمريره عبر الحرب بسبب هزيمتهم وبعد أن تحولت الحرب بالنسبة لهم إلى مستنقع من الفشل والتخبط.
لم يعد الإعلام الخليجي يصطاد في الماء العكر للأسف، فتحالف العدوان أفرز صراعاً بالجنوب لا يدور بين مشروع وحدة وانفصال كما يتصور البعض، وإنما بين مسارين في مشروع التقسيم نفسه.
فالمشروع "الإسرائيلي" تقسيم المنطقة هو نفسه ما يُنفذ باليمن، والأخطر في الأمر بأنه يتم تخدير الرأي العام وتهيئته للتقسيم في الشمال والجنوب في آن واحد، عبر الخلط بين خلافات الماضي ومشاريع الحاضر، وعبر حشد كل المشاكل الاجتماعية والسياسية وتوجيهها بشكل يخدم مشروعهم، لذلك لا عجب بأن نسمع عبارات مطاطية يروج لقبولها، دون التدقيق في مضمونها وفحص واختبار صوابها.
فكل ما في الأمر بأن السعودية ومن خلفها لا يطيقون بأن تخرج اليمن من الحرب منتصرة وموحدة بنفس الوقت.

أترك تعليقاً

التعليقات