أنس القاضي

أنس القاضي / لا ميديا -

لماذا تم تشكيل «اتحاد إمارات الجنوب العربي» والسعي الحالي نحو «دولة الجنوب العربي»؟
كانت بريطانيا كانت قد حددت موعدا لانسحابها من عدن أقصاه 1968م، ولكن بعد أن أعادت صياغة الخارطة السياسية للجنوب على أساس أربع دول مستقلة ضمن اتحاد فدرالي هو «اتحاد الجنوب العربي»، الذي لقي هجوماً من عبد الله باذيب وجمال عبد الناصر. 
واليوم تسعى الإمارات للجمع بين ترشيد علاقتها بإيران والمحافظة على مصالحها الاستعمارية في اليمن. وهذا غير ممكن إلا بتقوية المجلس الانتقالي إلى الحد الذي يمكنه من الدخول طرفا في ترتيبات الحل ويضمن له بقاء قويا في المشهد اليمني، لتكون الإمارات قادرة من خلاله على حماية المصالح التي تريدها في اليمن.

اتحاد إمارات الجنوب العربي الفدرالي (سابقاً)
العوامل الخارجية:
- إنشاء دولة مستقلة استقلالاً زائفاً يحفظ لبريطانيا المصالح الاستعمارية بعد رحيلها.
العوامل الداخلية:
- احتواء المد القومي العربي الناصري، بتأكيد عروبة الجنوب وإشباع هذه الحاجة النفسية للجنوبيين بدون الالتفات إلى عبد الناصر.
- نفي الهوية اليمنية للجنوبيين ومحوها، بقيام كيان له هوية مختلفة. والهوية اليمنية كانت قد اندثرت ولم يتم إيقاظها على الصعيد السياسي العام إلا منذ ما لا يتجاوز عشرة أعوام، عن طريق الماركسيين والقوميين. 
- بناء كيان قادر على وقف المد الوحدوي التحرري لحكومة الإمام في الشمال.

دولة «الجنوب العربي» الفدرالية (حالياً)
العوامل الخارجية:
تشكيل دولة مستقلة تحافظ على المصالح الغربية الإماراتية، والبريطانية معاً.
العوامل الداخلية:
- احتواء المد الثوري الحراكي الأصيل الذي ليس له مشكلة مع الهوية اليمنية ويدعوا إلى السيادة الوطنية على جنوب ما قبل عام 90.
- قيام كيان يكون نقطة صد للمد الثوري الوحدوي التحرري اليمني، وضرب الوحدة والهوية اليمنية.

مشروع الأقاليم
تم تقسيم الأقاليم في الجنوب إلى إقليمين، بما يتفق مع التقسيم القديم في الجنوب إلى محميتين، حيث نجد أن مناطق المحمية الغربية وضعت في إقليم، ومناطق المحميات الشرقية وضعت في إقليم، ولم تتم أي عملية دمج وتداخل. وما كانت تعرف كسلطنة ضمن المحمية، أصبح اسمها ولاية ضن الإقليم. 
فقد كان يضم اتحاد إمارات الجنوب العربي (سابقاً) محميتين، المحمية الغربية والمحمية الشرقية، وهو التقسيم نفسه في دولة الجنوب العربي (حالياً) والذي يتضمن إقليمين، إقليم عدن وإقليم حضرموت، بحيث أن مناطق المحمية الغربية وضعت في إقليم عدن، ومناطق المحمية الشرقية وضعت في إقليم حضرموت.
فالمحمية الغربية تضم: 
ـ المنطقة الشمالية الشرقية: وتضم إمارة بيحان وسلطنة العوالق العليا ومشيخة العوالق العليا.
ـ المنطقة الجنوبية الشرقية: وتضم العوذلي وسلطنة العوالق السفلى واتحاد ديثنة.
ـ المنطقة الوسطى: وتضم سلطنة الفضلي وسلطنة يافع السفلى وسلطنة يافع العليا.
ـ المنطقة الجنوبية الغربية: وتضم سلطنة لحج ومشيخة العقربي ومشيخة العلوي وسلطنة الحواشب.
ـ المنطقة الشمالية الغربية: وتضم إمارة الضالع ومشيخة شعيب ومشيخة المفلحي.
وهي نفسها مناطق إقليم عدن في دولة الجنوب العربي، حيث يضم الإقليم ولايات عدن، أبين، لحج، والضالع. 
وفي الوقت الذي كانت تضم فيه المحمية الشرقية خمس سلطنات، هي: السلطنة القعيطية في الشحر والمكلا، السلطنة الكثيرية في سيئون، سلطنة الواحدي في بلحاف، سلطنة الواحدي في حبان، ولاية الواحدي في بير علي، وسلطنة المهرة في قشن وسقطرى، نجد أن إقليم حضرموت في دولة الجنوب العربي يتضمن المناطق، حيث يضم الإقليم ولايات: المهرة، حضرموت، شبوة، وسقطرى.

الاستراتيجية العسكرية
في العام 1928 شكلت بريطانيا جيوشاً منفصلة، وذلك لتتمكّن من توظيف كل قوة ضد الأخرى، وربطت هذه الجيوش بسلاح الجو البريطاني، بعد أن نفذ ضربات قوية على جيش الامام يحيى في المواجهات الحدودية. ونجد أن الاستراتيجية العسكرية البريطانية، التي وضعت «لجيش الاتحاد»، قد تم تحديثها من قبل الإمارات، بما يواكب مستجدات المعركة. 

الاستراتيجية العسكرية البريطانية المسماة إلى الأمام:
- الاستغناء عن قواتها البرية التي أثقلت كاهلها بالأعباء الاقتصادية، وفشلت في السيطرة على المحميات.
- استخدام قوات محلية محدودة تتمكن بواسطتها من الدخول إلى الأرياف، وخلق نوع من التواصل مع قبائل المحميات القبلية المتمرسة في القتال، وتكوين علاقات صداقة مع زعمائها من خلال منحهم بعض المساعدات المالية، وخاصة الشخصيات الاجتماعية المؤثرة منها.
- تعزيز نفوذ السلاطين والأمراء الموالين للحكومة البريطانية، وإخضاع «المتمردين» بواسطة الطيران.
- مواجهة المد التوحيدي التحرري اليمني والتصدي لجيش اليمن المتوكلية.
- إنشاء السرب السابع قاذفات في عدن لضرب الجيش اليمني الوطني في الشمال وضرب «المتمردين» على السيطرة الاستعمارية في الجنوب.
ومع قرار انسحابها، كانت بريطانيا تعد لتشكيل قوتين بحرية وجوية لجيش الاتحاد العميل. 
كان يتم اختيار المجندين على أساس مناطقي بحيث يمكن لجيش كل قبيلة إخضاع أخرى، وفي الوقت نفسه لا يمكن أن تشكّل هذه القوات المقسّمة تكتلاً عسكرياً كبيراً يمثّل خطراً على الإنكليز لاحقاً. ولعب الفقر دورا كبيراً في توسيع قوات هذه الجيوش العميلة، حيث كانت القبائل تبادر إلى تسجيل أبنائها للحصول على رواتب شهرية.
ترتب على قيام ما سمي باتحاد إمارات الجنوب العربي، في فبراير 1959، أن تحول اسم جيش محمية عدن «الليوي» إلى «جيش الاتحاد النظامي»، ثم إلى «جيش الجنوب العربي» (قد تسعى الإمارات اليوم إلى توحيدهم تحت مسمى معين، مثل المجلس العسكري الجنوبي، أو وزارة الداخلية، إذا تمت تسوية تقاسم بين هادي والانتقالي، أو وزارة الدفاع إذا تم إعلان الجنوب إقليماً).
وفي عام 1962 صدر قانون تعريب قيادة الجيش الاتحادي، وتحولت تبعيته إلى وزارة الدفاع في حكومة الاتحاد، مع أنهم في الواقع كانوا يتبعون وزارة الدفاع البريطانية.
أوصى المجلس الأعلى للاتحاد، في مذكرة بتاريخ 15 مارس 1965، بمنع التحاق أبناء شمال اليمن بجيش «اتحاد الجنوب العربي»، وبتجميد أوضاع بعض من سبق لهم الانتساب إليه، والإحالة على التقاعد للبعض الآخر، وعدم ترقية من يبقى في الجيش.
ركزت بريطانيا (سابقاً) على التجنيد من أبين وشبوة (العوالق، الحسني، الميسري، عشال)، فقد كان لها تجربة مريرة مع أصحاب يافع والضالع ولحج، فقد كانت أكثر المناطق «تمرداً» على بريطانيا، وكانت تتهم هذه المناطق بموالاة العثمانيين ثم الإمامين يحيى وأحمد، فلم تركز عليها بريطانيا في التجنيد من حيث الكم، إلا أنها أنشأت جيوشاً منها في السلطنات التابعة لها.
الإمارات (حالياً) ركزت على التجنيد من يافع والضالع وردفان، ويأتي تركيز الإمارات على الضالع ويافع لأن مناطق شبوة وأبين ضربت في أحداث 86 وحدث منها نزوح إلى الشمال، فأصبحت أقرب إلى اليمن، فيما يافع ولضالع ولحج كانوا يمثلون جيشاً عميلاً، وبعد حرب 94 تم إقصاؤهم وافقار مناطقهم بشكل مريع، مما هيأهم لقبول الارتزاق مع الإمارات ضد اليمن.
تكون الجيش الذي شكلته بريطانيا (سابقاً) من: جيش الليوي (جيش عدن)، الحرس الحكومي، الحرس القبلي، جيش البادية الحضرمي، الجيش اللحجي، جيش المكلا النظامي، الجندرمة القعيطية، والجندرمة الكثيرية.
بينما الجيوش التي شكلتها الإمارات (حالياً) هي: الحزام الأمني عدن، الحزام الأمني لحج، الحزام الأمني الضالع، الحزام الأمني أبين، النخبة الشبوانية، النخبة الحضرمية، والنخبة المهرية.

أترك تعليقاً

التعليقات