فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

يستغرب المرء حين تظل جماهير أهلنا في الجزيرة العربية، سواء أكانت هذه الجماهير في السلك العسكري أو في المدني، فلا يجد المرء لها صدى، لا على مستوى الإصلاح ولا المواجهة، فكأنّ هذه الجماهير صامتة حتى الموت. إن كثيراً من هذه الجماهير قد عرف بعض دول إما للسياحة أو للدراسة. وبالضرورة أن هؤلاء السياح والدارسين قد قفزت إلى رؤوسهم كثير أسئلة، ليوازنوا بين هذا النظام الكهنوتي التمييزي (السعودي) والأوطان التي زاروها. ومن جهة أخرى فالسؤال: لم هذه الجماهير صامتة لم تنبس ببنت شفة لتسأل: أين تذهب عائدات المعادن وعلى رأسها البترول؟! بل أين الحرية؟! لسأل المواطن السعودي ما تعني له الحرية؟!
لا أحد يعلم تحديداً ماذا يجري في الداخل السعودي، ولكن من خلال المعطيات المفترضة فإن هذا المجتمع يعيش مرحلة الأنين، التي تسبق الاشتعال، هذا الاشتعال الذي توافرت أسبابه على النحو الآتي:
1ـ التمييز بين الفئات الاجتماعية من حيث الأداء والعطاء، ومن حيث حفظ النظام حقوقاً فرضها الطور الولائي الأول منذ تأسست المملكة (عهد عبدالعزيز حتى عهد فيصل) إذ قسم لهذا الطور الأول أعطيات وهبات تبدأ بالوزارة ولا تنتهي بالمستشارية وكشوف المكافآت.
2ـ التمييز القبلي، وإذا شئت قلت: الولاء العنصري، بحسب موقع هذا الفرد أو ذاك من المصاهرة، وهو الموقف الذي أولاه عبدالعزيز جل اهتمامه، من خلال الزواج النفعي لضمان الولاء الفئوي/ القبلي/ العنصري، وهو ما أحدث ردود فعل غاضبة داخل الأسرة، مما حدا بالملك عبدالله عبدالعزيز أن يفرض حدا لهذا الصراع بتبنيه آلية هي الأولى من نوعها، وهي آلية "البيعة"، التي رأى الملك سلمان عدم صلاحيتها، لأنها تجاوزت حقه في الحكم وأبنائه من بعده.
3ـ لا أحد يرى أن عوامل الاشتعال باردة أو محايدة بين أبناء الشعب، الذين هم أقرب إلى السخرة أكثر منهم مستحقين للحكم بحكم تحصيلهم الدرجات العليا من أوروبا وأمريكا، إذ تقفز هذه الدرجات العلمية واندماجهم بمعطيات الاستغراب لطموحات لا تنتهي.
وأخيراً: أثبتت الأحداث القريبة (ولاية عهد بن سلمان) أن ما يعتمل من حراك داخل المجتمع السعودي إنما هو اعتمال تجاوز الأنين، تجاوز حد الصراع، وقارئ "فندق الريتز كارلتون" يفهم ما أعنيه.

أترك تعليقاً

التعليقات