ثورة المستضعفين
 

عبدالملك المروني

عبدالملك المروني / لا ميديا -

يحتفل شعبنا اليمني هذه الأيام بالذكرى الخامسة للثورة الشعبية اليمنية التي انطلقت شرارتها في الـ21 من أيلول العام 2014. وهي المناسبة التي نتعامل معها على أساس من الوعي والإدراك بأهدافها ومضامينها وطابعها الاجتماعي والثقافي والسياسي المميز والخاص، وكل معانيها التي تستمد ذاتها من حتمية الأشياء وضرورات التاريخ والجغرافيا والحياة ذاتها.
هذه الخصوصية والفرادة لهذه الثورة هي المعطيات التي تجعلنا نثق بها ونطمئن لثباتها ورسوخها وقدرتها على مواجهة التحديات والمصاعب مهما كان حجمها وتعددت مصادرها. 
ولقد كانت السنوات الخمس الماضية من عمرها المديد بإذن الله، خير دليل على هذا الطرح وأصدق تثبيتاً له وتجسيداً لمضامينه.
إن الحديث عن ثورة 21 أيلول اليمنية في أي جانب من جوانبها حديث عن يقظة الشعوب وصحوتها وبداية ظهور تحولات تاريخية في حياة الشعوب تمثل الانقلاب الحقيقي على الماضي بكل أوجاعه، وعلى سلوك بشري مهجن وفاسد، وثقافة سياسية واجتماعية واقتصادية تعني الموروث الأسوأ والنتيجة الأكثر قبحاً وبشاعة، وهو ما يعني أن الأمم تسير نحو الأفق المشرق والمصير المضيء، وأن الشعوب المقهورة تمضي نحو الحياة التي أرادها الله لعباده، وتشق طريقها صوب الحرية والانعتاق والاستقلال التام والكامل.
إن العالم بكل مؤسساته وهيئاته وقوانينه وتشريعاته التي حكمت اتجاهاته ونظمت علاقاته لأكثر من قرن على الأقل، بات في ظل هذه الثورات والتحركات الشعبية والجماهيرية في أكثر من قطر عربي وإسلامي، عرضة للتصدع والتهشم والتكسر بسبب طبيعة وخصوصية هذه الثورات وهذا الوعي الشعبي والجماهيري غير المسبوق في التاريخ السياسي الحديث.
لذلك نعتقد بقدر كبير من الثقة أن السنوات القليلة القادمة ستشهد تحولات كبرى تتغير فيها موازين القوى، وتتساقط أمامها الكثير من المعارف والثقافات الممسوخة والمسلوبة التي حكمت العالم وأدارت علاقاته وسلوكياته.
ومن هنا، من اليمن الفقير، اليمن البائس، اليمن المعتدى عليه ظلماً وبغياً، ستهب رياح تغيير قوية، وتمضي مسيرة إصلاح إنساني واعية وناضجة صوب مدارات هذا التغيير، ودروب العصر الجماهيري الجديد بثقافته وسلوكه وضروراته.
وبالطبع فإن هذه الرحلة المقدسة ستكون محمولة على جناح هذه الثورة الشعبية المباركة التي أشرقت شمسها قبل 5 أعوام على أيدي رجال ما وهنوا ولا ضعفوا ولا استكانوا، بل حملوا أحلام الشعب وأماني الأمة على أكتافهم جنباً إلى جنب مع أكفانهم، وأعلنوا صرختهم المدوية في وجه الظلم والاستبداد والقهر، ورسموا بدمائهم هذا الخط الثوري المتحرر الذي نمضي في دروبه اليوم وغداً وما بعد الغد بإذن الله.
عاشت ثورة الجياع والمستضعفين.. وعاش شعب الإيمان والحكمة.. وحفظ الله قادة عظماء وأعلاماً للأمة حكماء وقف التاريخ أمامهم إجلالاً وتقديراً.. حملوا هم اليمن وأحزانه وتطلعاته، وقادوا سفن نجاته الى حيث أراد الله لعباده المؤمنين والصادقين.
والموت والخزي لأعداء الأمة وخصوم التاريخ والجغرافيا والدين القويم.
وكل عام والوطن وأهله في خير وسعادة واستقرار.

أترك تعليقاً

التعليقات