نظرية خـداع الذات
 

ابراهيم الوشلي

إ براهيم الوشلي / لا ميديا -

آخر مقال كتبته كان بعنوان «نظرية صرف الأنظار»، وهذه النظرية ليست مشهورة بعد، ولن تجد عنها أية معلومة في «الويكيبيديا»، ولا يعود إليها طلاب الدراسات العليا في أبحاثهم كما يفعلون مع النظرية النسبية ونظرية التطور والانفجار العظيم... الخ.
صاحب النظرية التي استخدمتها في المقال هو أخي لأمي «عمرو عبدالحميد»، ولا أخفيك أنني أصدقه أكثر من «أينشتاين» لسبب لا أعرفه، وأنا أخبرك بهذا حفظاً لحقوقه الفكرية.
قبل أن أدخل في الموضوع، أود أن أعتذر منك لأن هذا المقال أيضاً يتحدث عن نظرية أخرى، فهناك كابوس من النظريات يطاردني في كل مكان، حتى الدكتور في الجامعة طلب مني بحثاً عن سبع نظريات نفسية.
قرأت قبل يومين مقالاً قديماً للدكتور أحمد خالد توفيق ضمن مجموعة مقالات «قهوة باليورانيوم»، كان يتحدث عن فن خداع النفس، وهذا النوع من الفنون -باختصار- هو أن تقول لنفسك بعد أي خطأ ترتكبه: الشيطان جعلني أفعل كذا.
أو أن تجد (جلاكسي إس 10) في أحد الأماكن العامة، ثم تتجه من فورك إلى شارع القصر لبيعه بثمن بخس، وأنت مقتنع تماماً بأن هذه الغنيمة هدية السماء لك، ويجب أن ترتاح لأنك ضمنت «تخزينة» شهرين إلى الأمام، والجلطة التي ستقتل صاحب الهاتف خلال ساعتين ليست ذنبك طبعاً أو أن تقلع عن التدخين، ثم تتجه لشفط ثمانية رؤوس شيشة في اليوم، كحل بديل (صحي) عن السيجارة، أنت مقتنع تماماً أن هذه الرؤوس تعتبر «فيتامين سي» مقارنة بالأشياء المرعبة المكتوبة على جانب علبة السجائر، ولذلك لا يجرؤ أحد على انتقاد «شيشتك الصحية» أو الانتقاص من حقها.
هل تعرف ذلك الشخص الذي يأكل 50 صفعة و89 لكمة في شجار واحد، ثم يعود ليخبرك بحماس أنه فعل بأعدائه ما لم يفعله طرزان بالنمور المفترسة؟!
إنه يخدع نفسه ولا يخدعك، أنت مجرد وسيلة يستخدمها للوصول إلى النشوة وآخر مراحل التصديق.
الدكتور أحمد خالد توفيق اكتفى بهذا القدر في مقاله، واختزل هذا الفن في الشكل الفردي لممارسته.
أنا أرى أن هناك ممارسة جماعية مخيفة لهذا الفن لدى حزب الإصلاح، فهذا الحزب مثلاً مقتنع تماماً أنه يريد الإصلاح، ويعتقد أن اغتصاب الأطفال وبيع الأوطان هو أعلى درجات الإصلاح والإحسان. لا أقصد ذلك الإصلاحي الذي رأى لحيته الكثيفة في المرآة بعد جريمة اغتصاب.. ثم طار فرحاً بإيمانه الراسخ، بل أقصد الحزب بكله.
ولدينا أيضاً مملكة الإرهاب السعودية، هذه الدولة مقتنعة تماماً أنها القبطان في سفينة الأمة الإسلامية، وتظن فعلاً أنها تتقرب إلى الله بسفك دماء اليمنيين. ابن سلمان وأقاربه وأصدقاؤه يعتقدون بهذا الشيء اعتقاداً جماعياً، ولا يعرفون أبداً أنهم يتقربون إلى رئيس منتهي الصلاحية يدعى «ترامب».
كما أن «تحالف الشر» يظن أنه جيش الإمام علي في غزوة خيبر، وأننا اليهود الذين سيقتلع بابنا أن لم نشهد بألا لا إله إلا الله، أي أن السعودية والإمارات وبقية العصابة تعتقد فعلاً أنها «عاصفة حزم» مأجورة من الله على خيرها الكثير، ولو قلنا لا إله إلا ترامب لانتهت العاصفة وانتهت مهمتها في حفظ الخير.
هذه المكونات والدول تخدع نفسها بشكل يومي، وقد أتقنت فن خداع النفس أكثر من صاحب الشيشة الصحية.
حتى الكيان الصهيوني مصدق في أعماق نفسه أن أرض فلسطين حق مشروع لبني إسرائيل وعدهم به الرب في سِفر التكوين، وليس للمقدسيين أي حق في القدس، وأكثر ما يحزن الصهيوني أن تقول له أن فلسطين للفلسطينيين.
هل اتضحت لك كمية الجنون في فن خداع النفس؟ يقول الفيلسوف الأميركي مايكل نوفاك: لا حدود معروفة لقدرة الإنسان على خداع نفسه، ولذلك من الصعب أن نختزل هذه الأشياء بكلمة «فن». ونظراً لكابوس النظريات الذي يسيطر على عقلي، فقد قررت أن أسميها «نظرية خداع الذات»، وأنا أطالب بتوثيقها في موسوعة «ويكيبيديا»، واعتباري من اليوم أصغر عالم نفس في العالم.

أترك تعليقاً

التعليقات