تناقض يصنع المعجزات اليمنية
 

عبدالفتاح حيدرة

عبدالفتاح حيدرة / لا ميديا -

يؤكد التاريخ دوما، أن تراكم التناقضات في مرحلة زمنية معينة، ينتج عنها الشواهد التاريخية التي تحقق المعجزات، لأن التناقضات وبكل بساطة تصنع الوعي الشعبي المستقل وتشكل الصورة الصحيحة في ذهنية المجتمعات الحرة التي تعمل على اختراق تلك اللحظة الفارقة في جوف الزمن، فيحدث المستحيل أو (المعجزة).
تعيش اليمن واليمنيون كل التناقضات، ومنذ خمسة أعوام من العدوان والصمود، والحصار والصبر والهزائم والانتصارات، والانكسار والبطولة، والقهر والفرح، والقوة والضعف، والهيبة والذل، والصدق والكذب، والانحطاط والشرف، وكل هذه التناقضات ولا يزال هناك منا وفينا من لم يستطع بعد أن يفرق بين الخطأ والصواب أو بين الحق والباطل أو بين الكرامة والإذلال.
يا سادة، إن اليمن قيادة وشعبا وجيشا ولجانا يصنعون كل يوم معجزة، وكل يوم يبرزون تناقضا مغايراً أمام العالم يعري ضعف وهوان المعتدين ومرتزقتهم، ويجعل كل يمني حر وشريف ممتلئا بالفخر والعزة والهيبة، وبالتالي إن أي كلام لا يشارك بطولات المعجزات اليمنية في توعية الناس بهذه التناقضات وكل حديث لا يساهم في تغيير واقعهم للأفضل لا ولن يُعوّل عليه.
بعد انتشار الوعي والقيم والمشروع بين كافة اليمنيين، لن يعول على أي حديث آخر لا يتحدث عن معجزات بطولات وتضحيات وصبر وصمود وذكاء وحنكة وعزة وكرامة اليمنيين. لذلك فإن أكبر جريمة اليوم هي السماح بأن يستهدف أي حديث أو كلام أو كتابة عن المتناقضات التي تبرز الوعي اليمني والقيم اليمنية والمشروع اليمني، لأن استهداف وعي الشعب اليمني يفرض عليه التخلف والجهل القسري.
والهدف من هذا الفرض، هو منع أو إفشال حدوث المعجزات التي نشهدها اليوم، فكلما تخلف المجتمع زاد نمو الطبقات الفاسدة التي تحكمه، ليس لأن الفوارق الاجتماعية أكثر كمية، بل لأن مرونة الحركة الشعبية أقل وعيا، وذلك يسبب زيادة تعدد أدوار الملكية في المسؤوليات، ليس بكفاءة العمل ولا بتقدير الجهد، وإنما بتعدد المكانة الطبقية لملاك المسؤوليات.
ولذلك، فالمفارقة العجيبة ستجدونها في أنه كلما كانت الطبقات الاستملاكية تستحوذ على تعدد أدوار الملكية عن غير استحقاق، وبدون فائدة لمجتمعها وشعبها، كانت تلك الطبقات أكثر غطرسة واستعلاء، وكان مجتمعها أكثر تخلفا وجهلا وأكثر كراهية لها وأكبر حقدا عليها وأشد انتقاما منها.
وهذا ما يعمل عليه العدو بشكل مباشر أو غير مباشر، من خارج الوطن أو بعملائه داخل الوطن ليلا ونهارا، يسعون لنزع قداسة الوعي الشعبي اليمني، ليتمكنوا من تدنيس الوطن، وتشويه تاريخه البعيد، وتلويث حاضره، واتهام الشعب بكل ما يفقده الثقة في نفسه، وتضليل وعيه، وإضعاف كل عناصر قوته، والاهتمام المبالغ فيه بكل ظواهر ومظاهر القيم السلبية، وإفشال مشروع وحدته وسيادته واستقلاله.
نحن اليمنيين، اليوم، وبظهور التناقض بالوعي والقيم والمشروع مع العدو ومرتزقته، أصبحنا نعيش في عصر معجزات ظهور الحق وأهله، ومرحلة زوال الباطل والشعوذة والدجل والتضليل، فاللهم لا تبتلنا بعيب كرهناه في غيرنا، ولا تغير علينا حالاً إلا إلى أحسنه.

أترك تعليقاً

التعليقات