الخيانة والعدوان ملة واحدة
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / لا ميديا -

لا يوجد عدوان محترم أو شريف أو مُخلّص أو منقذ، ولا يوجد عدوان جيد وآخر أقل جودة، فالعدوان هو سوء محض وشرّ مطلق جملة وتفصيلاً، وذلك لأن العدوان هو سلوك موجه لإيذاء الغير (الآخر) عمداً وبدون وجه حق، بل بالباطل سواء أكان بالقتل وإزهاق الأرواح أو بنهب المال أو مصادرة الحقوق والحريات أو احتلال الأرض واستباحة العرض واستعباد الناس أو ممارسة أي نوع من أنواع الظلم والطغيان... الخ. ومن يستغرب سلوك العدوان وما يقوم به من احتلال للأرض وقتل للأرواح وانتهاك للأعراض... الخ، نقول له إنه إذا لم يقم العدوان بهذه الممارسات الإجرامية وارتكاب هذه الجرائم البشعة، فإنه لن يكون عدواناً بالأساس، ولربما تمت تسميته جمعية خيرية أو منقذاً، وقد نعذر بعض المستغربين بحسن نية إن نتج عن عصف الاستغراب ذاك صحوة وتغير إيجابي ضد العدوان على اعتبار أن الاستغراب هو ابن شرعي ونتيجة طبيعية لعدوان ناعم علينا طيلة 50عاما مضت، أي "العهد الوصائي"، والذي استهدف الوعي على كل الصعد، ما جعل الكثير يعيش حالة لاوعي على مدى 5 أعوام من عدوان مباشر يستهدف اليمن كله أرضا وإنسانا.
وبالرغم من أن القتل المباشر هو أوضح أنواع العدوان، إلاّ أنه ليس أخطرها، وذلك لسهولة مواجهته ورده، أما غير المباشر الذي يستهدف الوعي؛ والخونة جزء منه، فهو الأخطر، لذلك فإن الخيانة هي أشد وقعاً وإيلاماً من العدوان المباشر ذاته، رغم أن الخيانة هي جزءٌ من العدوان، إلاّ أن العدوان والخيانة ملة واحدة، بل الخائن أكثر حقداً على أبناء شعبه من العدو الأجنبي نفسه، لأنه يعلم أنه لا مكان له في شعبه ما لم يخضعهم جميعاً ويقم بتصفية الرافضين له، لأنه لا يريد لأحد أن يقول له لا أو يناديه بخائن، يقول أحد هؤلاء الخونة والعملاء: إذا كان تعداد الشعب اليمني 21 مليوناً، فليقتل منهم 20 مليوناً، ويبقى مليون واحد فقط"، وهو عدد أعضاء وأنصار حزبه، ولذلك فإنهم –أي الأحزاب- عندما التحقوا بثورة 11 فبراير 2011م، لم يكن من أجل إنجاح الثورة، بل لقتلها وبيعها، وذهبوا لجلب المبادرة الخليجية التي هي أسوأ من العدوان الأجنبي المباشر، لأنها عملت على شرعنة الاستعمار وإعادته بعقد شرعي، وبشروط جزائية تمنع  وتحظر مقاومته، وهي أسوأ من الفصل السابع نفسه، لذلك فإنه عندما تفطن الشعب لذلك وبدأ يعي مساوئها وخرج ينادي بفك أغلالها المطوقة لعنقه، لم يطق أولئك الخونة ذلك، فقاموا باستدعاء العدوان على شعبهم، فمنهم من التحق به، ومنهم من باركه وبقي، ومنهم من اختار أن يكون محايدا وعيناً له، ومنهم من ادعى وقوفه ضده ويعمل ضد من يقومون بمواجهته، لذا فإنه على أولئك العملاء والخونة للثورات اليمنية ألا يتحدثوا عن ثورات هم أول من خانها، فالخيانة ملة واحدة، فليس هناك خيانة بيضاء وأخرى وردية أو رمادية أو خيانة حميدة وأخرى خبيثة، فكل الخيانات خبيثة بالمطلق، لأنها فقدان للشرف والعزة والكرامة والأخلاق والقيم الإنسانية عموماً.

أترك تعليقاً

التعليقات