لم لا نحتفل؟
 

أحمد الحسني

احمد الحسني / لا ميديا -

هذا هو السؤال، وليس لماذا نحتفل بالمولد النبوي الشريف، لأن الطبيعي هو أن نحتفل، وليس ثمة مانع شرعي أو عقلي أو عرفي يمنعنا من ذلك، فنحن متفقون تقريبا أن الأمة الإسلامية والعروبة كأمة بكل ما نزهو به من تأريخهما وما ننوح على فقده من ماضيهما وتليد حضارتهما، تربطها بيوم المولد علاقة وجود، فلم تكن قبل محمد ولا يوجد بدونه شيء اسمه أمة عربية أو إسلامية، واحتفال العرب والمسلمين بالمولد النبوي هو في واقع الحال احتفال بميلادهم كأمة، ومن الطبيعي والمنطقي والمفترض بكل من يرى في أمته مصدر فخار واعتداد، أن يحتفي بميلادها، ويتخذه موسما للتباهي وتأكيد الانتماء إليها.
نحن نعرف أن الذين تحمر أنوفهم من الاحتفال بالمولد النبوي، يرفعون في وجهه سيف «الشرع»، ولا يبالون بحجج العقل، وهو مناط التكليف في الشرع، بل يرون في ذلك شركا، ومنذ أكثر من ألف عام وهم يرون في العقلانية وصمة لانتقاص خصومهم جملة حين تعجزهم التفاصيل، ويتوارث خلفهم عن سلفهم ما العلم إلا حدثنا، ولأن يمتلئ جوفي قيحا خير من علم الكلام، وكما قال البربهاري وابن بطة في القرن الثالث، يقول اليوم ابن منيع والحجوري، ولا يوجد في القرآن ولا في السنة نص واحد ينهى عن الاحتفال بالمولد النبوي، وإنما قال الله في كتابه: «وقد فصل لكم ما حرم عليكم»، وقال: «ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب».
نعم لا يوجد في القرآن ولم يرد سنة قولية أو فعلية أو تقريرية أمر صريح بالاحتفال بالمولد، لكنه أيضا لا يوجد في القرآن ولا في السنة نهي صريح عنه، فهو مباح ولا يعارض نصا ولا أصلا...
 وإنما ينسجم مع صريح النصوص ومحكمها.. فولادة رسول الله يوم من أيام الله، والقرآن يقول: «وذكرهم بآيام الله»، والاحتفال أكبر تذكير، وولادة الرسول نعمة من الله على كل مسلم، والقرآن يقول: «فاشكروا آلاء الله»، والاحتفال أبلغ تعبير عن الشكر، والقرآن يقول: «لتعزروه وتوقروه»، والاحتفاء بمولده من دلائل التعزير والتوقير، وهو تعبير عن الحب لرسول الله الذي قال: «والله لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وأهله والناس أجمعين».
وهو لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، ولكنهم سيقولون رغم كل بدعة لم يفعله الرسول ولا الصحابة ولا السلف، ولو كان كل ما لم يفعله الرسول والصحابة بدعة فتسعة أعشار حياتنا وإياكم اليوم بدع.
نحن مجتهدون في إحياء هذه المناسبة، وأنتم تقولون إنه من اجتهد فأصاب فله أجران، ومن اجتهد وأخطأ فله أجر، ونحن راضون منكم بما تيسر أجران أو أجر، وإن أردتم أن تستثنونا من قاعدتكم هذه، واعتبرتم فرحتنا بميلاد رسول الله جريمة تغضب الله ورسوله، فيؤسفنا أن نبلغكم أننا مصرون عليها، ونبشركم بأنكم: لا تسألونا عما أجرمنا ولا نسأل عما كنتم تعملون.
يعني عوافي وأبوها الزرة..

أترك تعليقاً

التعليقات