فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمــد التعــزي / لا ميديا - 

استمعت للمشاط رئيس المجلس السياسي بوصفه حكيماً وطنياً، ينتمي للمدرسة الواقعية، عندما تطابق كلماته الواقع. ليس اليمني وحسب، ولكن العربي، وهو واقع أسود كئيب بلا جدال، له جذوره الضاربة في معظم الواقعات العربية، ابتداءً بالواقع "الخلافي العثماني، مروراً بالواقع الاستعماري، وانتهاءً بالقرن العشرين!!". وأقف عند هامش قصير وهو أن العثمانيين بلغ فيهم الفساد مبلغه، عندما كانت الألقاب معروضة للبيع لتحقيق أمرين معاً: الأول أن اللقب "العثماني" يمنح صاحبه مقاماً عالياً كمكانة اجتماعية، أما الأمر الثاني فهو أن اللقب يمنحه وضعاً مادياً يجعله كسبيل "ابتزاز" من الدرجة الأولى، ولأن هذه الألقاب غالباً ما تجعل اليمني يسافر إلى "الباب العالي" ليمنح هذا الشرف -غير الشريف- وليقدم هذا القادر المسافر إلى "الباب العالي" مالاً كثيراً لجناب خليفة المسلمين، كهدية من ناحية أو على الصحيح كرشوة، فيعود إلى بلاده فائزاً باللقب بعد أن أدى فريضتي الولاء والطاعة لخليفة المسلمين! وبناءً على هذا اللقب، فالأموال تبذل ويقدم شعوب "الخليفة" الإتاوات لوكيل الخليفة!
إذن بكلمته الواضحة، قرأ المشاط الواقع المرير للأمة المغموسة بين تلال من الإحباط وعدم الثقة، فبدأ يحدد المرض، مرض الشعب اليمني، ملخصاً هذا المرض بالرشوة ونهب المال العام، فهناك متنفذون سراق وآخرون من شكله نهاب. وهناك دلالتان اثنتان بين السرقة التي تفيد بأخذ الشيء جبراً، وبين النهب الذي يأخذ الأموال عنوة دون تردد. وللعلم، إن فخامة الأخ الرئيس قد وقف على الاثنين: السارق والناهب، ولعله قد أحيط علماً بمن يكون هذا وذاك، ولكنه -فيما يبدو- محرج كيلا يقع في كشف السراق والنهاب بشكل مباشر، فطلب إلى الشعب أن يتولى المهمة. والحق أنه لا تكفي التعميمات ولا المباشرة بكشف الفاسدين، وإنما للخروج من هذه التهم وسوء الظن إن وجد، لا بد أن تصدر قانون المحاسبة لإنجاز ما يطلبه الشعب لاسترداد الأموال أكانت عينية أو مالية، ويحتمل أن يكون هناك قانون ينظم إجراءات الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وجهة ثانية هي جهة كشف الفساد، ولكن لا يعلم الشعب ما هي صلاحيات الجهاز المركزي ولا جهة الفساد.
فخامة الرئيس... الخطوة الأولى إخراج قانون، والمرحلة الأولى أيضاً التحفظ على الأموال المنهوبة والمسروقة.

أترك تعليقاً

التعليقات