مقياس الرجولة..!
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم الوشلي / لا ميديا -

في إحدى البلاد البعيدة، كان أجبن رجل في العالم جالساً في بيته أمام التلفاز يتنقل من قناة إلى أخرى، ظهر على الشاشة إعلان لشامبو ضد القشرة فغير المحطة دون اكتراث، وجد برنامجاً اجتماعياً لحل المشاكل الزوجية فغير المحطة دون اكتراث، وجد الفيلم الوثائقي الذي يتحدث عن الخنافس القاذفة فغير المحطة دون اكتراث، وجد الحلقة الأخيرة من مسلسل وادي الذئاب فغير المحطة دون اكتراث، حتى وصل إلى قناة لا يعرفها اسمها «المسيرة»، تجمدت عيناه وأسقط الريموت من يده مذهولاً وهو يرى ذلك المشهد، إنها دبابة إبرامز أمريكية تصطدم بأختها أثناء فرارهما من شاب عادي يحمل بندقية عادية، حاول أن يقرأ عبارة «الإعلام الحربي» التي ترافق المشاهد دون جدوى، فهو لا يتحدث إلا بلغة تلك البلاد البعيدة، كان الرجل يبحث عن تفسير لهروب الدبابتين بهذا الشكل الهستيري أمام الشاب.
لم يعتقد في يوم من الأيام أن هناك شخصاً أكثر جبناً منه، لقد تفاجأ فعلاً بهؤلاء الجبناء الذين يقودون دبابات مدرعة، يقول جيرانه إنه خرج إليهم كالمجنون يقسم ويؤكد بحماس أنه لم يعد أجبن شخص في العالم.
هذا الشخص لا يعرف السعودية، لكنه بات يعرف أن جيشها قد وصل إلى آخر مراحل الجبن والخزي والعار، وأيضاً هو لا يعرف اليمن، لكنه يعرف أن هناك أناساً قد وصلوا إلى ذروة الشجاعة والإقدام، ولا يحق لأحد منافستهم في هذا المجال.
لا يجوز أن نتحدث عن جيش الكبسة في هذه الصحيفة المحترمة، لذلك سنأخذ مثالين على رجال اليمن.
هل رأى أحدكم وزير دفاع في أية دولة يقود المعركة من مقدمة الصفوف الأمامية؟...
هذا القائد العسكري الفريد من نوعه، اللواء الركن محمد ناصر العاطفي، لا يرسل رسائله لقوى العدوان من غرفة النوم، بل يرسلها باروداً وناراً من فوق مدرعة محترقة بالكامل، لا ينتظر المجاهدين واقفاً ليحققوا الانتصارات لهذا الشعب، بل يشاركهم بنفسه في صنع كل بشرى يزفها لنا العميد يحيى سريع.
على هامش الحديث عن متحدث القوات المسلحة، إنه لا يختلف في شيء عن وزير الدفاع، كأنهما جناحان عسكريان خُلقا للتحليق بهذا الشعب في سماء الصالحين، في سماء لا تصل إليها أي من الأكاديميات العسكرية التي أثبتت حقارتها أمام المقاتل اليمني.
في إحدى المرات ظهر العميد يحيى سريع من على مشارف مدينة الخوبة في جيزان، بجانب إخوته المجاهدين، مرسلاً كلمات من جحيم لقادة تحالف العدوان، وفي الحقيقة لقد فاجأهم جداً بظهوره من جبهات القتال، وبدلاً من تفسير وأخذ الرسائل التي أرسلها لهم، ذهبوا لتفسير تركه لقاعة المؤتمرات الصحفية المكتظة بالمكرفونات وظهوره في الجبال تحت حرارة الشمس.
كانوا مندهشين لعدة أشهر من صفعة متحدث القوات المسلحة، حتى ظهر لهم وزير الدفاع خلال قيادته العملية الكبرى «نصر من الله»، حتى إنهم لم يهتموا لخسارتهم آلاف الجنود والمدرعات في تلك العملية، بل ظلوا مندهشين من وزير الدفاع هذا.
هل يعقل أن المكاتب الفخمة والمكيفة لا تروق له؟
نعم، قادتنا لا يتحملون الجلوس في المكاتب وقاعات الاجتماعات، ولا يريدون غير ساح الوغى مسكناً ومرقداً يأوون إليه، ولهذا من المعيب أن نستغرب إذا رأينا جندياً يمنياً يطارد دبابة من وادٍ لواد، ومن المعيب أيضاً أن نحاول البحث في صفحات التاريخ عن قادة مثل سريع والعاطفي.
إنهما معادلة استثنائية مكتملة الأركان، فالانتصارات يصنعها الوزير بتأييد الله، ليتسلم المتحدث دوره بزفها لآذان وقلوب تتحرق شوقاً لظهور تصريحاته على الشاشة، سيتم تخليد هذين الرجلين في قلوب الأحرار وليس في صفحات التاريخ التي من الممكن أن تتمزق في يوم ما، ولن يستطيع أي حاقد أن يفرق بينهما أو يذكر واحداً دون الآخر.
بالمناسبة.. عندما رآهما أشجع رجل في العالم يقودون المعركة، اختبأ في بيته من شدة الخزي ولم يخرج منذ ذلك اليوم.
من المعروف أن الناس في المملكة الهالكة وغيرها يتحولون جنسياً، مثل المسخ عادل الجبير الذي تحدثت عنه كل صحف العالم في الغرب والشرق، لكن في اليمن، نحول شجاعهم إلى جبان، وجباننا إلى شجاع، المطلوب فقط هو أن ترى مشاهد الإعلام الحربي على قناة المسيرة، لتقيس رجولتك.

أترك تعليقاً

التعليقات