طاعون اسمه أمريكا (1)
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -

أمريكا تحاول احتلال ضمير العالم وإرادة الشعوب، معلنة حرباً كونية جديدة باعتداءاتها وبمحاصراتها الدول والأمم الأخرى وفرض العقوبات الاقتصادية كأداة ثابتة في سياساتها الخارجية، وقد تعددت الحصارات والمؤامرات ضد وطننا العربي، وتطورت أهدافها بحيث لم تكن تكتيكية أو جزئية، بل هناك خطوط حمراء وسقوف عليا يحظر على الأمة العربية تجاوزها أو حتى الاقتراب منها، هدف أمريكا الأساسي تمزيق الوطن العربي وبتره وتحويله إلى غنيمة دسمة بين الامبراطوريات التقليدية والحديثة، وبمقتضى هذا البتر والتمزيق يصبح الوطن العربي أسهل منالاً، ومع ذلك هناك قوى وطنية شريفة تقاوم هذا الطاعون الأمريكي ومشروعه في إخضاع الوطن العربي واستغلاله، والتحكم بإرادة شعوبه وثرواته، هناك محور المقاومة العربية الذي جعل أمريكا تتراجع عن فرض إرادة الحروب وخيار القوة العسكرية لبسط نفوذها وإنجاز مهمة التحكم بمصادر الطاقة والثروات العربية تحت مسميات واهية (محاربة الإرهاب، وتحرير الشعوب، ومكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل). وفي آخر توصيف للحالة المفرطة في مأسويتها والتي تعيشها الأمة العربية ويعاني منها شعب لبنان والعراق بتلك القفزة النوعية في نمو قانون الغاب الذي يصيغه منطق النظام الداخلي الجديد للمشروع الأمريكي، مشروع يعتبر نفط العرب أهم من دمائهم.
قوى المقاومة العربية فرضت معادلات أخرى بعد انتصاراتها في اليمن، وسوريا، ولبنان، والعراق، جعلت أمريكا تتحول من المواجهة العسكرية إلى إدارة الصراع بوسائل وأدوات مختلفة ونمط جديد من افتعال الأزمات السياسية، والاختناقات الاقتصادية للالتفاف على هزائمها وإخفاقاتها وفشلها الذريع أمام محور المقاومة العربية بنشر الفوضى وتوجيه المظاهرات والتحركات الشعبية المطلبية المحقة وإدارتها واستثمارها ودفعها باتجاه العنف وخلق الفتن الطائفية وزعزعة الاستقرار وتشويه صورة تلك التحركات الشعبية المحقة، ومحاولة جرها إلى فخ الحروب الأهلية وتغيير مساراتها السلمية والمطلبية إلى تحركات عنيفة بل وحشية باستخدامها التدمير والقتل وإغلاق المؤسسات العامة وقطع الطرقات لتحقيق أهداف المشروع الأمريكي، المشروع الذي لم تستطع أمريكا وحلفاؤها تحقيقه بقوة السلاح والتحالفات الكونية العدوانية.
هناك تحريض خارجي رافق التحركات الشعبية التي خرجت رفضاً للفساد المستشري في البلاد، فساد لم تستطع السلطة القضائية محاربته أو محاسبة أي فاسد لأسباب تتعلق بالحماية الطائفية لزعماء الطوائف والمتنفذين في السلطة والمدعومين أيضاً من أمريكا والسعودية، كما أن هناك حملات تحريض إعلامية منسقة بين أمريكا وإسرائيل والسعودية والحريري وجعجع وجنبلاط ضد حزب الله وحلفائه ورئيس الجمهورية والمؤسسات التشريعية وإغلاق المصارف والبنوك لإنهاك الاقتصاد وتفريغ مؤسسات الدولة من الداخل ومحاولات للزج بحزب الله في صراع داخلي. 
شاركت في هذا الحرك الشعبي (الثورة الملونة) أحزاب ومنظمات محدودة الشأن من اليسار إلى اليمين والوسط، وأحزاب ومنظمات خاضعة لأمريكا وإسرائيل والسعودية على السواء، وتحديداً تلك الأحزاب والمنظمات التي جار عليها الزمن السياسي الجديد وظروفه القاهرة وشروطه القاسية، وهي شروط أملتها انتصارات محور المقاومة العربية وتحولات الوضعين العربي والدولي، وانعكست بشكل فادح على هذه الأحزاب والمنظمات.  

أترك تعليقاً

التعليقات