السلاحف لا تتحرك بأمر الموتى
 

ذو الفقار يوسف

ذو الفقار يوسف / #لا_ميديا -

إذا نشرت مظلمة حصلت لمواطن من قبل جهة رسمية يدخل 70 معلقاً يقول لك برصانة «فتبينوا»، ويشعرك كما لو أن هذه الآية نزلت على رأسك خصيصاً.
طيب ليش المسؤولين ما «يتبينوا»، واحنا بالأصل لا ننشر لأننا نثق في كل ما يرد، بل لإحالة موضوع الشكوى على الجهة المعنية لتتبين.
وهناك صنف ثانِ يعتقد أن البلاد قد أصبحت جنة بلا منغصات ومدينة فاضلة بلا نشاز ولا ظلم ولا عسف من هذه الجهة أو تلك، وهذا الصنف الحالم يعكر مزاجه سماع شكوى أو أنين، فيبادر لدحضها سواء كانت حقاً أو باطلاً ليثبت نظريته عن الجنة المتوهمة.
وصنف آخر يلقي باللائمة في كل تجاوز، على الخائن عفاش، كما لو أن الشر بدأ بمولد عفاش وانتهى بموته... «إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين».. يعني حتى الشيطان لا يغوي إلا الغاوين أصلاً، فما بالكم بعفاش اللي ما قدر يحرك «السلاحف».
إن اعتبار كل أنين إهانة للثورة وقائدها وقدحاً في مشروعيتها وصدقيتها، هو تحريف للواقع وإعفاء لحكومة الكساح (التوافقية غير الثورية) من كل مسؤولية يتعين أن تنهض بها إزاء أحوال الناس، وتحميل كل المسؤولية (بحجة الدفاع والغيرة على الأنصار) على عاتق حركة ثورية تجترح المعجزات في الدفاع عن البلد وأمنه... حركة هي أصدق ما مر على تاريخ اليمن من حركات وتيارات سياسية وثورية، وبهذا الجور والتحريف من قبل أصحاب النوايا الحسنة، يجري تأمين غطاء سميك ومنيع للسوس والقوارض لكي تنخر في مداميك الإنجازات العظيمة بصغائر سلوكياتها ونواياها السيئة.
«ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم...»، أي أن مردة المنافقين كانوا دون قدرة الرسول الكريم ذاته على العلم بهم.
فحيث تنتصر الثورات يتوارى أعداؤها المباشرون الصريحون في مجالها الاجتماعي، ليعاودوا الظهور متسربلين لبوس الثورة نفسها بما يتيح لهم تقويض مصداقيتها بطاقية إخفاء من الداخل، وباسمها.
إننا ينبغي أن ننهض عن القيادة بالأعباء المتعلقة بأحوال الناس وشكاواهم، والتي تقع في صلب مجال عملنا كإعلام عبر نقل الواقع دون تزويق وغمط للحقيقة، بل نقلاً أميناً ورقابة بلا هوادة مع السوس الناخر في جسم البلد وتجاوزات ونشاز سلوكيات القائمين على أمر الناس، فذلك هو السبيل الأهدى، ورحم الله امرأً أهدى إليَّ عيوبي لا كال المدائح العصماء في نقائصي كبشر تغيب عن مداركه أمور شتى مهما كان حصيفاً وشديد التحري ونافذ البصر والبصيرة.

أترك تعليقاً

التعليقات