الجزائر الجديدة
 

راسل القرشي

#راسل_القرشي / #لا_ميديا -

وأنا أستمع لكلمة الرئيس الجزائري المنتخب عبدالمجيد تبون بعد أدائه اليمين الدستورية وقفت أمام برنامجه الكبير والعريض الذي إن استطاع تنفيذه فإن الجزائر ستخرج من أتون أزماتها وتؤسس لجمهورية جزائرية جديدة عنوانها العمل والإنجاز ومحورها الشباب الجزائري الصامد الذي استطاع بحراكه الشعبي أن يضع الأساس الحقيقي والمتين للجزائر الجديدة.
نعم، خاضت الجزائر انتخابات رئاسية تنافسية حرة. ورغم أن المشاركة لم تتجاوز الـ39% من مجموع المسجلين في السجل الانتخابي إلا أنها اتسمت بالنزاهة والشفافية وعبرت عن مساعي الناخبين في التغيير، الذين توجهوا صوب صناديق الاقتراع وانتخاب رئيس الجمهورية الجديدة من أصل 5 مرشحين وأسفر عنها فوز عبد المجيد تبون بعد حصوله على 58.15% من الأصوات.
بهذا الفوز العريض الذي حققه الرئيس تبون بدأت الجزائر تاريخها الجديد وكل الجزائريين يسكنهم الأمل في تمكن تبون من تنفيذ برنامجه الكبير الذي حاز بموجبه على هذا الفوز.
أعود إلى ما بدأته سابقاً بالوقوف أمام هذا البرنامج وتأكيد الرئيس المنتخب عليه مجدداً بتلك الكلمة التي ألقاها في مراسم أدائه لليمين الدستورية وتقلده للسلطة مباشرة.
جدد الرئيس تبون تأكيده على الالتزام بتحقيق مطالب الحراك في إطار التوافق الوطني وقانون الجمهورية، وتأكيده أيضاً على وضع يده في أيادي الجميع لتحقيق حلم الآباء والأجداد ببناء جمهورية جزائرية مستقلة كاملة السيادة.
وتعهد الرئيس الجزائري بتعديل الدستور خلال الأشهر الأولى بما يحقق مطالب الحراك ويقلص من صلاحيات رئيس الجمهورية ويحصن البلاد من حكم الفرد إضافة لتقليص الفترة الرئاسية بفترتين فقط، والسعي لبناء اقتصادي وطني متنوع يصنع الرفاه الاجتماعي ويحصن الأمة من التبعية، ومحاربة كل صور الفساد وإلغاء كل أشكال الحصانة للفاسدين.
تبدو الجزائر اليوم أمام تاريخ مغاير لما شهدته سابقاً، تاريخ حافل ومليء بعناوين التغيير. ويكفي الشعب الجزائري أنه تمكن بهذا الحراك السلمي الذي انطلق في الـ22 من فبراير 2019 أن يُسمع صوته ويُوصل رسالته لأركان النظام، ليلقى ذلك التجاوب من قبل رئيس النظام بوتفليقة، ويؤكد للعالم أن الشعب هو صاحب السلطة وهو من يختار حكامه وفقاً لإرادته الحرة المستقلة ودون أي تدخل خارجي.
هذا النجاح الانتخابي الجزائري هو ثمرة لهذا الحراك الشعبي الذي صنع التاريخ من جديد وحدد ملامح الدولة الجديدة التي يتوق إليها كل الجزائريين.
ولا شك أن الحكم على الأفعال، لكن كما هو ملحوظ من كلمة الرئيس الجزائري المنتخب أننا أمام خطاب مختلف وطموح مغاير لجزائر جديدة.
وندرك أيضاً أن هناك الكثير من التحديات التي خلقت متغيرات تفرض على أي سلطة قادمة إحداث فارق عما كان عليه الوضع سابقاً، وهذا كله يجعلنا نتفاءل بأن الجزائريين خطوا خطوتهم الأولى في طريق جديد، قد يكون امتداداً لمراحل ما بعد الاستقلال، لكنه على قطيعة مع مرحلة العشرية السوداء وما سبقها وما لحقها...
جزائر لا مكان فيها لا لحكم الفرد ولا للعصابات المتكئة على حكم الفرد. جزائر نتمنى لها أن لا تتكرر فيها أمراض الأنظمة والمجتمعات العربية المتمثلة بالطائفية والمذهبية والشللية والقبلية والسلالية...
التحية والشكر للجيش الجزائري الذي أثبت أنه جيش الشعب وجيش الوطن وصمام أمانه، بما قام به خلال هذه الفترة الدقيقة والحساسة من تاريخ الجزائر المستقل. وفي الوقت ذاته نتمنى أن تعطي الجزائر المثال بما ستنجزه على صعيد بناء الدولة الديمقراطية القادرة على تحقيق العدالة الاجتماعية والحريات، وبما يعيد هذا البلد العربي الأفريقي إلى سياقه التاريخي الصحيح.

أترك تعليقاً

التعليقات