كبسولات نظام
 

ابراهيم الحكيم

#إبراهيم_الحكيم / #لا_ميديا -

نعيش منذ بداية هذه الألفية زمن «الفوضى الموجهة» لتحقيق مآرب محددة، فوضى سمتها الولايات المتحدة عند تصديرها «الفوضى الخلاقة»، تجميلاً لمآلاتها المدمرة ونتائجها الهدَّامة. ولا توجد مضادات للفوضى عدا كبسولات النظام، فالأخير ضد للفوضى، وكلما كان النظام عادلا وناجعا، متينا ونافذا، كان سائدا ورادعا.
متانة أي نظام تأتي من جودته في تلمس احتياجات الواقع ومدخلاته وتلبيتها على أمثل نحو ممكن. وعدالة النظام تأتي من تجسيده مصالح عامة وعمومية إلزاميته وامتثاله من دون انتقاء أو استثناء، لأن الانتقائية في التطبيق مع حالات بعينها أو أوقات بذاتها، توجد الاستثناء، والاستثناء إزميل نخر أي نظام ومعول دكه.
مواجهة الفوضى ومنعها لا تكون فقط بأخذ الاحترازات الأمنية والاستعدادات المكثفة، واستنفار اليقظة وإحباط المخططات، ورفع حالة التأهب لمواجهة تداعيات الفوضى... هذا مطلوب، لكنه لا يكفي وحده. فالفوضى تعني انفلات السيطرة وانفراط خيط حبات المسبحة، ومنع ذلك يستدعي جرعات نظام مكثفة.
انضباط الأمن جيد، وتجويده أكثر يحتاج مزيدا من جرعات النظام، التزاما تاما وعاما وأكثر شفافية بتنفيذ مواد القانون ولوائحه، تجعله كما يقال «يقط المسمار»، أي لا تثنيه استثناءات أو انتقائية في تطبيق القانون على الجميع، ولا تكسره إجراءات متسرعة انفعالية أو غير مدروسة ارتجالية.
لا شيء كامل 100٪ فالكمال لله تعالى، سنناً وخلقاً وتدبيراً وتصريفاً. لكن الكمال البشري يظل هدفا، ويستدعي بلوغه إخلاصا تاما مختبرا، واستشعارا عملياً للمسؤولية، وإتقانا فعليا لأداء الأعمال، بتوظيف أقصى للمتاح من الإمكانات، وبجرعات نظام التزاما وإلزاما، يحقق امتثالا وانتفاعا عاما، ولا ينطوي على إخلال أو فشل أو ضيم.
يحتاج الناس في الظروف الطبيعية وبصورة أكبر في الحروب، إلى الشعور بأن هناك من يحس بهم ويدرك أحوالهم ويتلمس بسعي عملي جاد لتخفيف معاناتهم... وسواءً أثمر كثيراً أم قليلاً، لا فرق في محصلة زاد رئيس يلزم الناس للعيش وانتظارهم الغد، وأعني زاد الأمل في غد أفضل، إن نفد أو انعدم تكون الفوضى تحصيل حاصل إدارة شؤون المرافق الخدمية تسير رغم كل ظروف الحرب، وهذا جيد، لكن تجويدها أكثر يظل هدفا رئيسا، وهذا يحتاج جرعات نظام إضافية. كل مشكلة تظهر تلزمها معالجة سريعة، لا تكون إسعافية بل دائمة، وهذا يستدعي وضع آلية مناسبة، نظام للتعامل مع المشكلة هذه وتلك.
لا يكفي عقد الاجتماعات وتنظيم ورش العمل والندوات واللقاءات، ولا إصدار بيانات توضيح وتفنيد الادعاءات ودحض الشائعات. هذه كلها فعاليات «إعلامية»، والمرحلة تحتاج عمليات إجرائية تحدث فرقا واضحا وفعليا في أداء الواجبات وتنفيذ المهمات على أمثل نحو ممكن، يحقق إنجازات.
هناك مشكلات قائمة، نعم. ارتفاع أسعار السلع، تعثر خدمات، انقطاع رواتب، استغلال ظروف الحرب ممن يسمون في أي حرب «قطط سمان» لانتهازهم ظروف الحرب وتداعياتها... ينبغي إذن وضع حد لاستغلالها أينما وجد، بجرعات نظام التزاماً وإلزاماً، يفضي إلى امتثال عام، ولا ينطوي على مضامة لأحد.
الأحوال ستكون أفضل بتمييز الفرق بين إعلانات النوايا الحسنة والتطلعات والأمنيات، وبين ترجمة التوجهات باتجاه التطلعات وتحقيق الأمنيات. الأولى دون عمل تظل في حكم الشعارات، والثانية مع العمل تغدو إشعارات للناس بسير عجلة الحل ومعالجات المشكلات وتصحيح الاختلالات وجني الثمار، في هيئة إنجازات فارقة.

أترك تعليقاً

التعليقات